وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَاشِدٍ قَالَ خَرَجْنَا حُجَّاجًا فَمَرَرْنَا بِالرُّوَيْثَةِ فَإِذَا بِهَا شَيْخٌ يُقَالُ لَهُ أَبُو هَرِمٍ قَالَ سَمِعْت أَبَا هريرة يقوم لِلْمُحْرِمِ مِنْ امْرَأَتِهِ كُلُّ شَيْءٍ إلَّا الْجِمَاعَ قَالَ فَأَهْوَى رَجُلٌ مِنَّا إلَى امْرَأَتِهِ فَقَبَّلَهَا فَقَدِمْنَا مَكَّةَ فَذَكَرْنَا ذَلِكَ لِعَطَاءٍ فَقَالَ قَاتَلَهُ اللَّهُ قَعَدَ عَلَى طَرِيقٍ مِنْ طُرُقِ الْمُسْلِمِينَ يَفْتِنُهُمْ بِالضَّلَالَةِ ثُمَّ قَالَ لِلَّذِي قَبَّلَ امْرَأَتَهُ أَهْرِقْ دَمًا وَهَذَا شَيْخٌ مَجْهُولٌ وَمَا ذَكَرَهُ قَدْ اتَّفَقَتْ الْأُمَّةُ عَلَى خِلَافِهِ وَعَلَى أَنَّ
مَنْ قَبَّلَ امْرَأَتَهُ فِي إحْرَامِهِ بِشَهْوَةٍ فَعَلَيْهِ دَمٌ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ
وَابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ وَالْحَسَنِ وَعَطَاءٍ وَعِكْرِمَةَ وَإِبْرَاهِيمَ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ وَلَمَّا ثَبَتَ بِمَا ذَكَرْنَا حَظْرُ مُرَاجَعَةِ النِّسَاءِ بِذِكْرِ الْجِمَاعِ فِي حَالِ الْإِحْرَامِ وَالتَّعْرِيضِ بِهِ وَاللَّمْسِ وَذَلِكَ كُلُّهُ مِنْ دَوَاعِي الْجِمَاعِ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْجِمَاعَ وَدَوَاعِيَهُ مَحْظُورَةٌ عَلَى الْمُحْرِمِ وَذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى حَظْرِ التَّطَيُّبِ لِهَذَا الْمَعْنَى بِعَيْنِهِ وَلِمَا وَرَدَ فِيهِ مِنْ السُّنَّةِ وَأَمَّا الْفُسُوقُ فَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ الْفُسُوقُ السِّبَابُ وَالْجِدَالُ الْمِرَاءُ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ الْجِدَالُ أَنْ تُجَادِلَ صَاحِبَكَ حَتَّى تَغِيظَهُ وَالْفُسُوقُ الْمَعَاصِي وَرُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ لا جدال في الحج قَالَ قَدْ أَعْلَمَ اللَّهُ تَعَالَى أَشْهُرَ الْحَجِّ فَلَيْسَ فِيهَا شَكٌّ وَلَا خِلَافٌ قَالَ أَبُو بَكْرٍ جَمِيعُ مَا ذُكِرَ مِنْ هَذِهِ الْمَعَانِي عَنْ الْمُتَقَدِّمِينَ جَائِزٌ أَنْ يَكُونَ مُرَادَ اللَّهَ تَعَالَى فَيَكُونُ الْمُحْرِمُ مَنْهِيًّا عَنْ السِّبَابِ وَالْمُمَارَاةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَفِي غَيْرِ ذَلِكَ وَعَنْ الْفُسُوقِ وَسَائِرِ الْمَعَاصِي فَتَضَمَّنَتْ الْآيَةُ الْأَمْرَ بِحِفْظِ اللِّسَانِ وَالْفَرْجِ عَنْ كُلِّ مَا هُوَ مَحْظُورٌ مِنْ الْفُسُوقِ وَالْمَعَاصِي وَالْمَعَاصِي وَالْفُسُوقُ وَإِنْ كَانَتْ مَحْظُورَةً قَبْلَ الْإِحْرَامِ فَإِنَّ اللَّهَ نَصَّ عَلَى حَظْرِهَا فِي الْإِحْرَامِ تَعْظِيمًا لِحُرْمَةِ الْإِحْرَامِ وَلِأَنَّ الْمَعَاصِيَ فِي حَالِ الْإِحْرَامِ أَعْظَمُ وَأَكْبَرُ عِقَابًا منها في غيرها كما
قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَجْهَلْ فَإِنْ جُهِلَ عَلَيْهِ فَلْيَقُلْ إنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ)
وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ الْفَضْلَ بْنَ الْعَبَّاسِ كَانَ رَدِيفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْمُزْدَلِفَةِ إلَى مِنًى فَكَانَ يُلَاحِظُ النِّسَاءَ وَيَنْظُرُ إلَيْهِنَّ فَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْرِفُ وَجْهَهُ بِيَدِهِ مِنْ خَلْفِهِ وَقَالَ (إنَّ هَذَا يَوْمٌ مَنْ مَلَكَ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ غُفِرَ لَهُ)
وَمَعْلُومٌ حَظْرُ ذَلِكَ فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَكِنَّهُ خَصَّ الْيَوْمَ تَعْظِيمًا لِحُرْمَتِهِ فَكَذَلِكَ الْمَعَاصِي وَالْفُسُوقُ وَالْجِدَالُ وَالرَّفَثُ كُلُّ ذَلِكَ مَحْظُورٌ وَمُرَادٌ بِالْآيَةِ سَوَاءٌ كَانَ مِمَّا حَظَرَهُ الْإِحْرَامُ أَوْ كَانَ مَحْظُورًا فِيهِ وَفِي غَيْرِهِ بِعُمُومِ اللَّفْظِ وَيَكُونُ تَخْصِيصُهُ إيَّاهَا بِحَالِ الْإِحْرَامِ تَعْظِيمًا لِلْإِحْرَامِ وَإِنْ كَانَتْ مَحْظُورَةً فِي غَيْرِهِ
وَقَدْ رَوَى مَسْعُودٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ


الصفحة التالية
Icon