فِي تَمْيِيزِ الطَّبَقَاتِ
قَالَ أَبُو يُوسُفَ فِي كِتَابِ الْخَرَاجِ تُؤْخَذُ مِنْهُمْ عَلَى الطَّبَقَاتِ عَلَى مَا وَصَفْت ثَمَانِيَةً وَأَرْبَعِينَ عَلَى الْمُوسِرِ مِثْلُ الصَّيْرَفِيِّ وَالْبَزَّازِ وَصَاحِبِ الصَّنْعَةِ وَالتَّاجِرِ وَالْمُعَالِجِ وَالطَّبِيبِ وَكُلِّ مَنْ كَانَ فِي يَدِهِ مِنْهُمْ صَنْعَةٌ وَتِجَارَةٌ يَحْتَرِفُ بِهَا أُخِذَ مِنْ أَهْلِ كُلِّ صِنَاعَةٍ وَتِجَارَةٍ عَلَى قَدْرِ صِنَاعَتِهِمْ وَتِجَارَتِهِمْ ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ عَلَى الْمُوسِرِ وَأَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ مِنْ الْمُتَوَسِّطِ من احتملت صناعته ثمانية وأربعون أُخِذَ مِنْهُ ذَلِكَ وَمَنْ احْتَمَلَتْ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ أُخِذَ ذَلِكَ مِنْهُ وَاثْنَا عَشَرَ عَلَى الْعَامِلِ بِيَدِهِ مِثْلُ الْخَيَّاطِ وَالصَّبَّاغِ وَالْجَزَّارِ وَالْإِسْكَافِ وَمَنْ أشبههم فلم يعتبر الملك واعتبر الصنعات وَالتِّجَارَاتِ عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ عَادَةُ النَّاسِ فِي الْمُوسِرِ وَالْمُعْسِرِ مِنْهُمْ وَذَكَرَ عَلِيٌّ بْنُ مُوسَى الْقُمِّيُّ مِنْ غَيْرِ أَنْ عَزَى ذَلِكَ إلَى أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِنَا أَنَّ الطَّبَقَةَ الْأُولَى مَنْ يَحْتَرِفُ وَلَيْسَ لَهُ مَا يَجِبُ فِي مِثْلِهِ الزَّكَاةُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَهُمْ الْفُقَرَاءُ الْمُحْتَرِفُونَ فَمَنْ كَانَ لَهُ أَقَلُّ مِنْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَهُمْ مِنْ أَهْلِ هَذِهِ الطَّبَقَةِ قَالَ وَالطَّبَقَةُ الثانية أن يبلغ مال الرجل مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَمَا زَادَ إلَى أَرْبَعَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ لِأَنَّ مَنْ لَهُ مِائَتَا دِرْهَمٍ غَنِيٌّ تَجِبُ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ لَوْ كَانَ مُسْلِمًا فَهُوَ خَارِجٌ عَنْ طِبْقَةِ الْفُقَرَاءِ قَالَ وَإِنَّمَا أَخَذْنَا اعْتِبَارَ الْأَرْبَعَةِ الْآلَافِ مِنْ قَوْلِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَابْنِ عُمَرَ أَرْبَعَةُ آلَافٍ فَمَا دُونَهَا نَفَقَةٌ وَمَا فَوْقَ ذَلِكَ فَهُوَ كَثِيرٌ قَالَ وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ تُجْعَلَ الطَّبَقَةُ الثَّانِيَةُ مَنْ مَلَكَ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ إلَى عَشَرَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَهُوَ مِنْ الطَّبَقَةِ الثَّالِثَةِ لِمَا
رَوَى حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كُرَيْزٍ عَنْ أَبِي الضَّيْفِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال من تَرَكَ عَشَرَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ جُعِلَتْ صَفَائِحُ يُعَذَّبُ بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ
وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ عَلِيُّ بْنُ مُوسَى الْقُمِّيُّ هُوَ اجْتِهَادٌ يَسُوغُ الْقَوْلُ بِهِ لِمَنْ غَلَبَ فِي ظَنِّهِ صَوَابُهُ وقَوْله تعالى عن يد قَالَ قَتَادَةُ عَنْ قَهْرٍ كَأَنَّهُ ذَهَبَ فِي الْيَدِ إلَى الْقُوَّةِ وَالْقُدْرَةِ وَالِاسْتِعْلَاءِ فَكَأَنَّهُ قَالَ عَلَى اسْتِعْلَاءٍ مِنْكُمْ عَلَيْهِمْ وَقَهْرِهِمْ وَقِيلَ عَنْ يد يَعْنِي عَنْ يَدِ الْكَافِرِ وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْيَدَ ليفارق حال الغضب لِأَنَّهُ يُعْطِيهَا بِيَدِهِ رَاضِيًا بِهَا حَاقِنًا بِهَا دَمَهُ فَكَأَنَّهُ قَالَ حَتَّى يُعْطِيَهَا وَهُوَ رَاضٍ بها ويحتمل عن يد عَنْ نِعْمَةٍ فَيَكُونُ تَقْدِيرُهُ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عن اعتراف منهم بالنعمة فيها بقبولها منهم وقال بعضهم عن يد يَعْنِي عَنْ نَقْدٍ مِنْ قَوْلِهِمْ يَدًا بِيَدٍ وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى كُلُّ من أطاع لقاهر بِشَيْءٍ أَعْطَاهُ عَنْ طِيبِ نَفْسٍ وَقَهْرٍ لَهُ مِنْ يَدٍ فِي يَدِهِ فَقَدْ أَعْطَاهُ عَنْ يَدٍ قَالَ وَالصَّاغِرُ الذَّلِيلُ الْحَقِيرُ وَقَوْلُهُ وَهُمْ صاغرون قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَمْشُونَ


الصفحة التالية
Icon