كَانَتْ السَّنَةُ مَقْسُومَةً عَلَى نُزُولِ الشَّمْسِ فِي الْبُرُوجِ الِاثْنَيْ عَشَرَ وَكَانَ شُهُورُهَا اثْنَيْ عَشَرَ وَاخْتَلَفَتْ السَّنَةُ الشَّمْسِيَّةُ وَالْقَمَرِيَّةُ فِي الْبُرُوجِ الِاثْنَيْ عَشَرَ وَكَانَتْ شُهُورُهَا اثْنَيْ عَشَرَ وَاخْتَلَفَتْ السَّنَةُ الشَّمْسِيَّةُ وَالْقَمَرِيَّةُ فِي الْكَسْرِ الَّذِي بَيْنَهُمَا وَهُوَ أَحَدَ عَشَرَ يَوْمًا بِالتَّقْرِيبِ وَكَانَتْ شُهُورُ الْقَمَرِ ثَلَاثِينَ وَتِسْعَةً وَعِشْرِينَ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا مِنْ أَحْكَامِ الشَّرْعِ وَلَمْ يَكُنْ لِنِصْفِ الْيَوْمِ الَّذِي هُوَ زِيَادَةٌ عَلَى تِسْعَةٍ وَعِشْرِينَ يَوْمًا حُكْمٌ فَكَانَ ذَلِكَ هُوَ الْقِسْمَةُ الَّتِي قَسَمَ اللَّهُ تعالى السَّنَةَ فِي ابْتِدَاءِ وَضْعِ الْخَلْقِ ثُمَّ غَيَّرَتْ الْأُمَمُ الْعَادِلَةُ عَنْ كَثِيرٍ مِنْ شَرَائِعِ الْأَنْبِيَاءِ هَذَا التَّرْتِيبَ فَكَانَتْ شُهُورُ الرُّومِ بَعْضُهَا ثَمَانِيَةً وَعِشْرِينَ وَبَعْضُهَا ثَمَانِيَةً وَعِشْرِينَ وَنِصْفًا وَبَعْضُهَا وَاحِدًا وَثَلَاثِينَ وَذَلِكَ عَلَى خِلَافِ مَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ اعْتِبَارِ الشُّهُورِ فِي الْأَحْكَامِ الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِهَا ثُمَّ كَانَتْ الْفُرْسُ شُهُورُهَا ثَلَاثِينَ إلَّا شَهْرًا وَاحِدًا وَهُوَ بادماه فَإِنَّهُ خَمْسَةٌ وَثَلَاثُونَ ثُمَّ كَانَتْ تَكْبِسُ فِي كُلِّ مِائَةٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً شَهْرًا كَامِلًا فَتَصِيرُ السَّنَةُ ثَلَاثَةَ عَشَرَ أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ عِدَّةَ شُهُورِ السَّنَةِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا لَا زِيَادَةَ فِيهَا وَلَا نُقْصَانَ وَهِيَ الشُّهُورُ الْقَمَرِيَّةُ الَّتِي إمَّا أَنْ تَكُونَ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ وَإِمَّا أَنْ تَكُونَ ثَلَاثِينَ وَلِذَلِكَ
قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ وَالشَّهْرُ ثَلَاثُونَ وَقَالَ صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَعُدُّوا ثَلَاثِينَ
فَجَعَلَ الشَّهْرَ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ فَإِنْ اشْتَبَهَ لِغَمَامٍ أَوْ قَتَرَةٍ فَثَلَاثُونَ فَأَعْلَمَنَا اللَّهُ بِقَوْلِهِ إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ والأرض يَعْنِي أَنَّ عِدَّةَ شُهُورِ السَّنَةِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا لَا زِيَادَةَ عَلَيْهَا وَأَبْطَلَ بِهِ الْكَبِيسَةَ الَّتِي كَانَتْ تَكْبِسُهَا الْفُرْسُ فَتَجْعَلُهَا ثَلَاثَةَ عَشَرَ شَهْرًا فِي بَعْضِ السَّنَةِ وَأَخْبَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ انْقِضَاءَ الشُّهُورِ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ فَتَارَةً تِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ وَتَارَةً ثَلَاثُونَ فَأَعْلَمَنَا اللَّهُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّهُ كَذَلِكَ وَضَعَ الشهور والسنين في ابتداء الخلق أخبر النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَوْدَ الزَّمَانِ إلى ما كان عليه وأبطل به مَا غَيَّرَهُ الْمُشْرِكُونَ مِنْ تَرْتِيبِ الشُّهُورِ وَنِظَامِهَا وَمَا زَادَ بِهِ فِي السِّنِينَ وَالشُّهُورِ وَأَنَّ الْأَمْرَ قَدْ اسْتَقَرَّ عَلَى مَا وَضَعَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْأَصْلِ لِمَا عَلِمَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى من تعلق مصالح الناس في عبادتهم وشرائعهم بكون الشهور وَالسِّنِينَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَيَكُونُ الصَّوْمُ تَارَةً فِي الرَّبِيعِ وَتَارَةً فِي الصَّيْفِ وَأُخْرَى فِي الْخَرِيفِ وَأُخْرَى فِي الشِّتَاءِ وَكَذَلِكَ الْحَجُّ لِعِلْمِهِ بِالْمَصْلَحَةِ فِي ذَلِكَ وَقَدْ رُوِيَ فِي الْخَبَرِ أَنَّ صَوْمَ النَّصَارَى كَانَ كَذَلِكَ فَلَمَّا رَأَوْهُ يَدُورُ فِي بَعْضِ السِّنِينَ إلَى الصَّيْفِ اجْتَمَعُوا إلَى أَنْ نَقَلُوهُ إلَى زَمَانِ الرَّبِيعِ وَزَادُوا في