ما لَاعَنَ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ اللَّهُ يَعْلَمُ أَنَّ أَحَدَكُمَا كَاذِبٌ فَهَلْ مِنْكُمَا تَائِبٌ فَأَخْبَرَ أَنَّ أَحَدَهُمَا بِغَيْرِ عَيْنِهِ هُوَ الْكَاذِبُ
وَلَمْ يَحْكُمْ بِكَذِبِ الْقَاذِفِ دُونَ الزَّوْجَةِ وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ نَفْسَ الْقَذْفِ لَا يُوجِبُ تَفْسِيقَهُ وَلَا الْحُكْمَ بِتَكْذِيبِهِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ لَوْلا جاؤُ عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَداءِ فَأُولئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكاذِبُونَ فَلَمْ يَحْكُمْ بِكَذِبِهِمْ بِنَفْسِ الْقَذْفِ فَقَطْ بَلْ إذَا لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمُرَادَ إذَا لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ عِنْدَ الْخُصُومَةِ فِي الْقَذْفِ فَغَيْرُ جَائِزٍ إبْطَالُ شَهَادَتِهِ قَبْلَ وُجُودِ هَذِهِ الشَّرِيطَةِ وَهُوَ عَجْزُهُ عَنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ بَعْدَ الْخُصُومَةِ فِي حَدِّ الْقَذْفِ عِنْدَ الْإِمَامِ إذْ كَانَ الشُّهَدَاءُ إنَّمَا يُقِيمُونَ الشَّهَادَةَ عِنْدَ الْإِمَامِ فَمَنْ حَكَمَ بِتَفْسِيقِهِ وَأَبْطَلَ شَهَادَتَهُ بِنَفْسِ الْقَذْفِ فَقَدْ خَالَفَ الْآيَةَ فَإِنْ قِيلَ لَمَّا قال الله تَعَالَى لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً وَقالُوا هذا إِفْكٌ مُبِينٌ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ عَلَى النَّاسِ إذَا سَمِعُوا مَنْ يَقْذِفُ آخَرَ أَنْ يَحْكُمُوا بِكَذِبِهِ وَرَدِّ شَهَادَتِهِ إلَى أَنْ يَأْتِيَ بِالشُّهَدَاءِ قِيلَ لَهُ مَعْلُومٌ أَنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي شَأْنِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وَقَذَفَتِهَا لِأَنَّهُ قَالَ تعالى إِنَّ الَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ- إلى قوله لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ وَقَدْ كَانَتْ بَرِيئَةَ السَّاحَةِ غَيْرَ مُتَّهَمَةٍ بِذَلِكَ وَقَاذِفُوهَا أَيْضًا لَمْ يَقْذِفُوهَا بِرُؤْيَةٍ مِنْهُمْ لِذَلِكَ وَإِنَّمَا قَذَفُوهَا ظَنًّا مِنْهُمْ وَحُسْبَانًا حِينَ تَخَلَّفَتْ ولم يدع أحد منهم أَنَّهُ رَأَى ذَلِكَ وَمَنْ أَخْبَرَ عَنْ ظَنٍّ فِي مِثْلِهِ فَعَلَيْنَا إكْذَابُهُ وَالنَّكِيرُ عَلَيْهِ وَأَيْضًا لَمَّا قَالَ فِي نَسَقِ التِّلَاوَةِ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَداءِ فَأُولئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكاذِبُونَ فَحَكَمَ بِكَذِبِهِمْ عِنْدَ عَجْزِهِمْ عَنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلِمْنَا أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِقَوْلِهِ وَقالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ إيجَابُ الْحُكْمِ بِكَذِبِهِمْ بِنَفْسِ الْقَذْفِ وَأَنَّ مَعْنَاهُ وقالوا هذا إفك مبين إذ سمعوه لم يَأْتِ الْقَاذِفُ بِالشُّهُودِ وَالشَّافِعِيُّ يَزْعُمُ أَنَّ شُهُودَ الْقَذْفِ إذَا جَاءُوا مُتَفَرِّقِينَ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمْ فَإِنْ كَانَ الْقَذْفُ قَدْ أَبْطَلَ شَهَادَتَهُ فَوَجَبَ أَنْ لَا يَقْبَلَهَا بَعْدَ ذَلِكَ وَإِنْ شَهِدَ مَعَهُ ثلاث لِأَنَّهُ قَدْ فُسِّقَ بِقَذْفِهِ فَوَجَبَ الْحُكْمُ بِتَكْذِيبِهِ وَفِي قَبُولِ شَهَادَتِهِمْ إذَا جَاءُوا مُتَفَرِّقِينَ مَا يَلْزَمُهُ أَنْ لَا تَبْطُلَ شَهَادَتُهُمْ بِنَفْسِ الْقَذْفِ وَيَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ قَوْلِنَا مِنْ جِهَةِ السُّنَّةِ مَا
رَوَى الْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُسْلِمُونَ عُدُولٌ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إلَّا مَحْدُودًا فِي قَذْفٍ
فَأَخْبَرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِبَقَاءِ عَدَالَةِ الْقَاذِفِ مَا لَمْ يُحَدَّ وَيَدُلُّ عليه أيضا
حديث ابن منصور عباد عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قِصَةِ هِلَالِ بْنِ أُمَيَّةَ لَمَّا قَذَفَ امْرَأَتَهُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُجْلَدُ هلال


الصفحة التالية
Icon