الْبُيُوتِ مَنْهِيَّاتٌ عَنْ الْخُرُوجِ وقَوْله تَعَالَى وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجاهِلِيَّةِ الْأُولى رَوَى ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ وَلا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى قَالَ كَانَتْ الْمَرْأَةُ تَتَمَشَّى بَيْنَ أَيْدِي الْقَوْمِ فَذَلِكَ تَبَرُّجُ الْجَاهِلِيَّةِ وَقَالَ سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى يَعْنِي إذَا خَرَجْتُنَّ مِنْ بُيُوتِكُنَّ قَالَ كَانَتْ لَهُنَّ مِشْيَةٌ وَتَكَسُّرٌ وَتَغَنُّجٌ فَنَهَاهُنَّ اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ وَقِيلَ هُوَ إظْهَارُ الْمَحَاسِنِ لِلرِّجَالِ وَقِيلَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى مَا قَبْلَ الْإِسْلَامِ وَالْجَاهِلِيَّةِ الثَّانِيَةِ حَالُ مَنْ عَمِلَ فِي الْإِسْلَامِ بِعَمَلِ أُولَئِكَ فَهَذِهِ الْأُمُورُ كُلُّهَا مِمَّا أَدَّبَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ نِسَاءَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صِيَانَةً لَهُنَّ وَسَائِرُ نِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ مُرَادَاتٌ بِهَا وقَوْله تَعَالَى إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ رُوِيَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي عَلِيٍّ وَفَاطِمَةَ وَالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ وَقَالَ عِكْرِمَةُ فِي أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاصَّةً وَمَنْ قَالَ بِذَلِكَ
يَحْتَجُّ بِأَنَّ ابْتِدَاءَ الْآيَةِ وَنَسَقَهَا فِي ذِكْرِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَا تَرَى إلَى قَوْلِهِ وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آياتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ فِي أَهْلِ بَيْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي أَزْوَاجِهِ لِاحْتِمَالِ اللَّفْظِ لِلْجَمِيعِ
وقَوْله تَعَالَى وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ فيه الدلالة على أن أوامر الله وَأَوَامِرَ رَسُولِهِ عَلَى الْوُجُوبِ لِأَنَّهُ قَدْ نَفَى بِالْآيَةِ أَنْ تَكُونَ لَنَا الْخِيَرَةُ فِي تَرْكِ أَوَامِرِ اللَّهِ وَأَوَامِرِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْوُجُوبِ لَكُنَّا مُخَيَّرِينَ بَيْنَ التَّرْكِ وَالْفِعْلِ وَقَدْ نَفَتْ الْآيَةُ التَّخْيِيرَ وقَوْله تَعَالَى وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فِي نَسَقِ ذِكْرِ الْأَوَامِرِ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا وَأَنَّ تَارِكَ الْأَمْرِ عَاصٍ لِلَّهِ تَعَالَى ولرسوله صلّى الله عليه وسلّم فقد انتظمت الآية الدلالة عَلَى وُجُوبِ أَوَامِرِ اللَّهِ وَأَوَامِرِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهَا نَفَتْ التَّخْيِيرَ مَعَهُمَا وَالثَّانِي أَنَّ تَارِكَ الْأَمْرِ عاص الله ورسوله
وقوله تَعَالَى وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ الْآيَةَ
رَوَى سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ قَالَ قَالَ لِي عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ مَا كَانَ الْحُسَيْنُ يَقُولُ فِي قَوْله تَعَالَى وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ قَالَ قُلْت كَانَ يَقُولُ إنَّهَا كَانَتْ تُعْجِبُهُ وَإِنَّهُ قَالَ لِزَيْدٍ اتَّقِ اللَّهَ وَأَمْسِكْ عَلَيْك زَوْجَك قَالَ لَا وَلَكِنَّ اللَّهَ أَعْلَمَ نَبِيَّهُ أَنَّ زَيْنَبَ سَتَكُونُ مِنْ أَزْوَاجِهِ فَلَمَّا جَاءَهُ زَيْدٌ يَشْكُو مِنْهَا قَالَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ وَأَمْسِكْ عَلَيْك زَوْجَك
قَالَ اللَّهُ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَقِيلَ إنَّ زَيْدًا قَدْ كَانَ يُخَاصِمُ امْرَأَتَهُ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدَامَ الشَّرُّ بَيْنَهُمَا حَتَّى ظَنَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُمَا لَا يَتَّفِقَانِ وَأَنَّهُ سَيُفَارِقُهَا فَأَضْمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ إنْ طَلَّقَهَا زَيْدٌ تَزَوَّجَهَا وَهِيَ زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ وَكَانَتْ بِنْتَ عَمَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلّم
                                        
                                    
