بمعنى خالصة لله تعالى وصوافن بِمَعْنَى مُعَقَّلَةً فِي قِيَامِهَا قَوْله تَعَالَى فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٍ وَالضَّحَّاكِ وَغَيْرِهِمْ إذَا سَقَطَتْ وَقَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ الْوُجُوبُ هُوَ السُّقُوطُ وَمِنْهُ وَجَبَتْ الشَّمْسُ إذَا سَقَطَتْ لِلْمَغِيبِ قَالَ قَيْسُ بْنُ الْخَطِيمِ:

أَطَاعَتْ بَنُو عَوْفٍ أَمِيرًا نَهَاهُمْ عَنْ السِّلْمِ حَتَّى كَانَ أَوَّلَ وَاجِبِ
يَعْنِي أَوَّلَ مَقْتُولٍ سَقَطَ عَلَى الْأَرْضِ وَكَذَلِكَ الْبُدْنُ إذَا نُحِرَتْ قِيَامًا سَقَطَتْ لِجُنُوبِهَا وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ قَدْ أَرَادَ بِقَوْلِهِ صَوَافَّ قِيَامًا لِأَنَّهَا إذَا كَانَتْ بَارِكَةً لَا يُقَالُ إنَّهَا تَسْقُطُ إلَّا بِالْإِضَافَةِ فَيُقَالُ سَقَطَتْ لِجُنُوبِهَا وَإِذَا كَانَتْ قَائِمَةً ثُمَّ نُحِرَتْ فَلَا مَحَالَةَ يُطْلَقُ عَلَيْهَا اسْمُ السُّقُوطِ وَقَدْ يُقَالُ لِلْبَارِكَةِ إذَا مَاتَتْ فَانْقَلَبَتْ عَلَى الْجَنْبِ إنَّهَا سَقَطَتْ لِجَنْبِهَا فَاللَّفْظُ مُحْتَمِلٌ لِلْأَمْرَيْنِ إلَّا أَنَّ أظهر هما أَنْ تَكُونَ قَائِمَةً فَتَسْقُطَ لِجَنْبِهَا عِنْدَ النَّحْرِ وقَوْله تَعَالَى فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها فَكُلُوا مِنْها يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ قَدْ أُرِيدَ بِوُجُوبِهَا لِجُنُوبِهَا مَوْتُهَا فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ سُقُوطَهَا فَحَسْبُ وَأَنَّهُ إنَّمَا أَرَادَ سُقُوطَهَا لِلْمَوْتِ فَجَعَلَ وُجُوبَهَا عِبَارَةً عَنْ الْمَوْتِ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْأَكْلُ مِنْهَا إلَّا بَعْدَ مَوْتِهَا وَيَدُلُّ عَلَيْهِ
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا بَانَ مِنْ الْبَهِيمَةِ وَهِيَ حَيَّةٌ فَهُوَ مَيْتَةٌ
وقَوْله تَعَالَى فَكُلُوا مِنْها يَقْتَضِي إيجَابَ الْأَكْلِ مِنْهَا إلَّا أَنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ الْأَكْلَ مِنْهَا غَيْرُ واجب وجائز أن يكون مستحسنا مَنْدُوبًا إلَيْهِ
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَكَلَ مِنْ الْبُدْنِ الَّتِي سَاقَهَا فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَكَانَ لَا يَأْكُلُ يَوْمَ الْأَضْحَى حَتَّى يُصَلِّيَ صَلَاةَ الْعِيدِ ثُمَّ يَأْكُلَ مِنْ لَحْمِ أُضْحِيَّتِهِ وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُنْت نَهَيْتُكُمْ عَنْ لُحُومِ الأضاحى فوق ثلث فَكُلُوا وَادَّخِرُوا
وَرَوَى أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ بَعَثَ مَعِي عَبْدُ اللَّهِ بِهَدْيِهِ فَقُلْت لَهُ مَاذَا تَأْمُرُنِي أَنْ أَصْنَعَ بِهِ قَالَ إذَا كَانَ يَوْمُ عَرَفَةَ فَعَرِّفْ بِهِ وَإِذَا كَانَ يَوْمُ النَّحْرِ فَانْحَرْهُ صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَ لِجَنْبِهِ فَكُلْ ثُلُثًا وَتَصَدَّقْ بِثُلُثٍ وَابْعَثْ إلَى أَهْلِ أَخِي ثُلُثًا وَرَوَى نَافِعٌ عَنْ ابْنِ عُمَرَ كَانَ يُفْتِي فِي النُّسُكِ وَالْأُضْحِيَّةِ ثُلُثٌ لَك وَلِأَهْلِك وَثُلُثٌ فِي جِيرَانِك وَثُلُثٌ لِلْمَسَاكِينِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ عَنْ عَطَاءٍ مِثْلَهُ قَالَ وَكُلُّ شَيْءٍ مِنْ الْبُدْنِ وَاجِبًا كَانَ أَوْ تَطَوُّعًا فَهُوَ بهذه المنزلة إلا ما كان من جراد صَيْدٍ أَوْ فِدْيَةٍ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ أَوْ نَذْرٍ مُسَمًّى لِلْمَسَاكِينِ
وَقَدْ روى طلحة ابن عمر وعن عَطَاءٍ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَتَصَدَّقَ بِثُلُثِهَا وَنَأْكُلَ ثُلُثَهَا وَنُعْطِيَ الْجَازِرَ ثُلُثَهَا
وَالْجَازِرُ غَلَطٌ لِأَنَّ
النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لعلى لا تعطى الجازر منها شيئا
وجائز أن «٦- أحكام مس»


الصفحة التالية
Icon