ويدل عليه قوله عليه السلام: «ولا ذو عهد في عهده»، وهذا يدل على أن عهودهم كانت إلى مدة، ولذلك قال: «ولا ذو عهد في عهده»، كما قال الله تعالى: (فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلى مُدَّتِهِمْ) «١»، وقال: (فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ) «٢».
وكان المشركون حينئذ ضربين:
أحدهما: أهل الحرب، والآخر: أهل العهد، ولم يكن هناك أهل ذمة، فانصرف الكلام إلى الضربين «٣».
وورود هذا الحديث في خطبة الوداع يبطل هذا التأويل جملة.. «٤»
وقال عثمان البتي: يقتل الوالد بولده، للعمومات في القصاص، وروى مثل ذلك عن مالك، ولعلهما لا يقبلان أخبار الآحاد في مقابلة عمومات القرآن، وتلك الأخبار منها ما رواه عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن عمر قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول:
«لا يقتل والد بولده» «٥».

(١) سورة التوبة آية ٤.
(٢) سورة التوبة آية ٢.
(٣) قال ابن السمعاني: وأما حملهم الحديث على المستأمن فلا يصح لأن العبرة بعموم اللفظ- أي في قوله: «ولا يقتل مؤمن بكافر» - حتى يقوم دليل على التخصيص، فتح الباري، ج ١، ص ٢٨٦.
(٤) لأنه قرر حكما عاما بعد انتهاء مدة العهد، ولم يكن مرتبطا بظروف خاصة كما كان القول عند فتح مكة.
(٥) قال ابن العربي حديث باطل، وهو في سنن ابن ماجة رقم ٢٦٦١، ٢٦٦٢.
وقال الجصاص: هذا خبر مستفيض مشهور، وقد حكم به عمر بن الخطاب بحضرة الصحابة من غير خلاف من واحد منهم عليه. ورواه أحمد والنسائي كما في زاد المعاد.


الصفحة التالية
Icon