مراعاة عدد الأيام. وهذا بعيد، لقوله تعالى: (فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ)، ولم يقل فشهر من أيام أخر.
وقوله: (فَعِدَّةٌ) يقتضي استيفاء عدد ما أفطر فيه، ولا شك في أنه لو أفطر بعض رمضان، وجب قضاء ما أفطر بعدده، كذلك يجب أن يكون حكم إفطار جميعه في اعتبار العدد...
وأجمع أصحاب أبي حنيفة على أنه إذا صام أهل بلدة ثلاثين للرؤية وأهل بلدة أخرى تسعة وعشرين، أن على الذين صاموا تسعة وعشرين قضاء يوم، وأصحاب الشافعي رحمه الله لا يرون ذلك، إذا كانت المطالع في البلدتين يجوز أن تختلف.
وحجة أصحاب أبي حنيفة قوله تعالى: (وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ) وثبت برؤية أهل بلد أن العدة ثلاثون فوجب على هؤلاء إكمالها، ومخالفهم يحتج بما روي عن النبي عليه السلام أنه قال: «صوموا لرؤيته..
الحديث»، وذلك يوجب اعتبار عادة كل قوم في بلدهم..
وروى الشافعي بإسناده عن كريب أن أم الفضل بنت الحارث بعثته إلى معاوية بالشام، قال: فقدمت الشام، فقضيت حاجتها، فاستهل رمضان وأنا بالشام. فرأينا الهلال ليلة الجمعة، ثم قدمت المدينة في آخر الشهر، فسألني ابن عباس ثم ذكر الهلال فقال: متى رأيتم الهلال؟
فقلت: ليلة الجمعة، فقال: أنت رأيته؟.. فقلت: نعم، ورآه الناس وصاموا وصام معاوية، فقال: لكنا رأيناه ليلة السبت فلا نزال نصومه حتى يكمل الثلاثين أو نراه، فقلت: أو لا تكتفي برؤية معاوية وصيامه؟. قال: لا، هكذا أمرنا رسول الله ﷺ «١»،