قوله تعالى: (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ وَتُدْلُوا بِها إِلَى الْحُكَّامِ) (١٨٨) فيه دلالة على أن حكم الحاكم لا يغير بواطن الأحكام، ولأن الحاكم يحكم بالظاهر وهو مصيب في عمله، لا أنه مصيب ما عند الله تعال حقيقة.
قوله تعالى: (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ) «١» (١٨٩).
سماه على وحدته أهلة إذ الأهلة ليست اسما للقمر، وإنما سمي الهلال هلالا في أول ما يرى، وما قرب منه لظهوره في ذلك بعد خفائه، ومنه الإهلال بالحج وهو إظهار التلبية، واستهلال الصبى ظهور حياته بصوت أو حركة، ويقولون تهلل وجهه إذا ظهر فيه البشر والسرور، وليس هناك صوت مرفوع حتى يقال: الإهلال رفع الصوت وإن إهلال الهلال من ذلك لرفع الصوت عند رؤيته، قال تأبط شرا:
وإذا نظرت إلى أسرة وجهه | برقت كبرق العارض المتهلل |
فقيل لهم: فقد قال: (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ) «٢»، فأجابوا بأنه لا بد في الكلام من ضمير ولا بيان فيه دونه، فإن الحج فعل الحاج، وفعل الحاج لا يكون أشهرا، فلا بد أن يكون المراد به أفعال الحج
(٢) سورة البقرة آية ١٩٧.