نعم قد يقال: أمن المرض وزال الخوف منه، ولكن لا يطلق اسم الأمن عليه غالبا.
وحكي عن ابن الزبير، أنه لا يتحلل بالعدو والمرض إلا بأن يلقى البيت ويطوف «١»..
وقال ابن سيرين: الإحصار يكون من الحج دون العمرة، وذهب إلى أن العمرة غير مؤقتة وأنه لا يخشى الفوات..
والمذهبان مختلفان لنص الخبر عام الحديبية، فإنه عليه السلام تحلل من عمرته وكان محرما بها..
قوله تعالى: (وَلا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ) الآية (١٩٦) :
زعموا أن مطلق المحل هو الحرم، لقوله عز وجل: (ثُمَّ مَحِلُّها إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ) «٢».
وقال في موضع آخر: (هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ) «٣» فجعل بلوغ الكعبة من صفات الهدي، كما يجعل التتابع من صفات الصوم ولا خفاء بوجه الجواب عن هذا «٤».
فقيل لهم: فقد قال الله تعالى: (وَالْهَدْيَ مَعْكُوفاً أَنْ يَبْلُغَ)

(١) قال الجصاص: ولا نعلم لهما- أي الزبير وعروة بن الزبير- موافقا من فقهاء الأمصار.
(٢) سورة الحج آية ٣٣ ومعنى محلها أي مكان حل نحرها.
(٣) سورة المائدة الآية ٩٥.
(٤) ووجه الجواب أن المراد ببلوغ الهدي محله، ذبحه حيث يحل ذبحه في المحل، حلا كان أو حرما.


الصفحة التالية
Icon