قال: لأنهم لم يشكوا، يعني أنهم لم يشكوا في أن الحلق أفضل من التقصير، واستحقوا الثواب للمتابعة..
قوله: (فَإِذا أَمِنْتُمْ «١» فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ).
الآية (١٩٦).
ذكر ذلك بعد ما ذكر شأن المحصر، فقال ابن عباس وابن مسعود:
على المحصر بعد زوال الإحصار حجة وعمرة، فإن جمع بينهما في أشهر الحج، فهو متمتع وعليه دم، وإن لم يجمعهما في أشهر الحج فلا دم عليه. وهو قول علقمة، والحسن، وإبراهيم، والقاسم، وسالم، ومحمد بن سيرين، ومذهب أبي حنيفة وأصحابه.
وإنما يوجب عليه أبو حنيفة حجة وعمرة، إذا حل بالدم ولم يحج من عامه ذلك، ولو أنه حل من إحرامه قبل يوم النحر، ثم زال الإحصار فأحرم بالحج، ثم حج من علمه لم يكن عليه عمرة، لأنه رأى أن هذه العمرة إنما هي العمرة التي تلزم بالفوات، لأن من فاته الحج فعليه التحلل لعمل العمرة، فلما حصل حجه فائتا كان عليه عمرة للفوات.
والدم الذي عليه في الإحصار، إنما هو لتعجل إحلاله، لا لقيام الدم مقام الأعمال التي تلزم بالفوات، إذ الدم لا يقوم مقام تلك الأعمال «٢»، ويدل على ذلك: أن الدم لو قام مقام الأعمال، ما جاز الدم قبل الفوات، كما لا يجوز فعل العمرة التي لا تلزم بالفوات قبل الفوات، لعدم وقتها

(١) أي كنتم آمنين من أول الأمر، أو صرتم بعد الإحصار آمنين.
(٢) في أحكام القرآن للجصاص العمرة بدل الأعمال في الموضعين.


الصفحة التالية
Icon