(مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ) «١». وقوله تعالى: (أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ)، يفيد أنه لو كان به قروح في رأسه، أو جراح، فاحتاج إلى سده وتغطيته، كان حكمه في الفدية حكم الحلق، وكذلك سائر الأمراض التي تصيبه، واحتاج معها إلى لبس الثياب جاز له أن يستبيح ذلك ويفتدى. لأن الله تعالى لم يخصص شيئا من ذلك، فهو عموم في الكل.
فعلى هذا إن قال قائل: (أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ) معناه: فحلق، ففدية قبل الحلق «٢»، وهو غير مذكور وإن كان مرادا، وكذلك اللبس وتغطية الرأس، كل ذلك غير مذكور وهو مراد، لأن المعنى فيه استباحة ما يحظره الإحرام للعذر، وكذلك لو لم يكن مريضا وكان به أذى في بدنه، يحتاج معه إلى حلق الشعر، كان في حكم الرأس في باب الفدية، إذ كان المعنى معقولا وهو استباحة ما يحرمه الإحرام في حالة العذر.
وصيام الجبرانات «٣» ثلاثة أيام في خبر كعب بن عجرة، ويحكى فيه خلاف ذلك عن الحسن وعكرمة، وأن الصيام لها عشرة أيام كصيام المتمتع.
وأما النسك فأقله شاة.
والفدية بالصدقة، أن يطعم ستة مساكين ثلاثة آصع من تمر أو

(١) النسك: جمع نسيكة وهي الذبيحة ينسكها العبد لله تعالى، وأصل النسك العبادة، ومنه قوله تعالى: (وَأَرِنا مَناسِكَنا)، تفسير غريب القرآن لابن قتيبة ص ٧٨، تفسير آيات الأحكام للصابوني ج ١ ص ١٣٩.
(٢) في الجصاص قيل: الحلق غير مذكور....
(٣) ما ينجبر به الفعل ويذهب أثر النقص فيه بسببه.


الصفحة التالية
Icon