ومن الناس من حرم تأويل المتشابهات ورأى أن معنى قوله في المحكمات: (هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ) أي فواتح السور، أو هي الأوامر والنواهي ومجامع التكاليف التي هي عماد الدين، كما أن عماد الباب أم الباب، واستدل بقوله: (وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ).
وقال قوم: (وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ) لا يجوز أن يكون مضموما إلى قوله: (إِلَّا اللَّهُ)، لأنها لو كانت للجمع لقال: ويقولون آمنا به، ويستأنف ذكر الواو لاستئناف الخبر.
والذين خالفوا هذا الرأي ذكروا أنّ مثل هذا شائع، وقد وجد مثله في القرآن، وهو قوله في شأن قسم الفيء.
(ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ) «١» إلى قوله: (شَدِيدُ الْعِقابِ).
ثم تلاه بالتفصيل، وتسميه من يستحق هذا الفيء فقال:
(لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِينَ)، إلى قوله: (وَالَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ) «٢».
وهم لا محالة داخلون في استحقاق الفيء كالأولين، والواو فيه للجمع ثم قال: (يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَلِإِخْوانِنَا) «٣».
كذلك قوله: (وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ)، يقولون معناه: والراسخون في العلم يعلمون تأويل ما نصب لهم الدلالة عليه من المتشابه قائلين: «ربنا آمنا»، فصاروا معطوفين على ما قبله داخلين في خبره.
(٢) سورة الحشر آية ٨ و ٩ و ١٠.
(٣) سورة الحشر آية ١٠.