الحقوق تفوت، والحج حق الله، وهذه الحقوق للآدمي، فربما يجري فيها زيادة مضايقة لحاجة الآدمي، وليس الشروع في هذه المعاني من مقصودنا إنما مقصودنا: اقتباس هذه الأحكام من هذه الآية الواردة في معنى الاستطاعة.
وهاهنا نوع آخر من الكلام، وهو أن الذين لا استطاعة لهم من المكلفين قسمان:
أحدهما: إذا تكلف المشقة وحج وقع عن فرض حجة الإسلام.
والآخر: إذا حج لم تقع عن حجة الإسلام.
فالقسم الأول كالمرأة إذا سافرت دون محرم أو نسوة ثقات، أو تكلف الماشي المشي، أو المريض تكلف المشقة.
والقسم الآخر كالعبد يحج دون إذن مولاه، فإنه لا يقع عن حجة الإسلام، حتى إذا عتق وجبت حجة الإسلام.
مع أن القسمين على سواء في سقوط خطاب الأداء فيهما «١».
وقد خالف في العبد قوم من السلف، وحكى الرازي هذا المذهب عن الشافعي، وهو منه غلط، ولم يختلف قول الشافعي في هذا المعنى، ولا عن أصحابه وجه على ما رواه عنه الرازي.
والفارق بين القسمين: إن كان من وصل إلى البيت ولزمه الحج، كالفقير والمريض الذي سهل عليه ذلك العذر من العمل، أو بسقط صاحب «٢» الحق، مثل المديون والأجير والزوج، أو لصاحبة المحرم مثل

(١) يقول القرطبي: أجمع العلماء على أن الخطاب بقوله تعالى: (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ) عام في جمعهم مسترسل على جملتهم.
(٢) أي سقوط.


الصفحة التالية
Icon