حج ثم هاجر، فعليه أن يحج حجة أخرى، وأيما عبد حج ثم أعتق، فعليه أن يحج حجة أخرى» «١».
وهذا إذا صح أغنى عن تكلف كل معنى.
وظاهر قوله: (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ) الاكتفاء بحجة واحدة «٢».
قوله تعالى: (اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ) «٣» الآية (١٠٢) :
قد قيل إنه منسوخ، لأن حقه تعالى يقتضي القيام بحقوق الله في حالة الأمن والخوف وترك التقية فيها، ثم نسخ حالة التقية بقوله: (مَا اسْتَطَعْتُمْ) فيقال لهذا القائل: هو عند الإكراه مستطيع، فيقول: إذا عظمت المشقة يحسن أن يقال: هو غير مستطيع كما قال تعالى: (وَكانُوا لا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً) «٤»، ويقال لهم: ما معنى حق تقاته إلا امتثال أمر الله تعالى على نحو ما أمر؟ وإلا فقد تعالى الله عن الغرض في عبادتنا، وإنما يتقي معاصي الله خوفا من عقوبته لترك الأمر، فلا بد من تأمل الأمر، فكل من امتثل أمر الله تعالى فقد أتقاه حق تقاته، فعلى هذا لا نسخ فيه «٥».
(٢) يقول الصابوني: ظاهر الآية الكريمة وهي قوله تعالى- «وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا» - أن الحج لا يجب إلا مرة واحدة في العمر، وهو رأي الجمهور، إذ ليس في الآية ما يوجب التكرار.
(٣) أي حق تقواه، وذلك بدوام خشيته ظاهرا وباطنا والعمل بموجبها.
(٤) سورة الكهف آية ١٠١.
(٥) انظر محاسن التأويل للقاسمي ج ٤ ص ٩١٢.