(وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ «١» إِخْواناً) (١٠٣).
وليس فيه دليل على تحريم الاختلاف في الفروع، فإن ذلك ليس اختلافا، إذ الاختلاف ما يتعذر معه الائتلاف والجمع، وليس اختلاف حكم الحائض والطاهرة في الصوم والصلاة، واختلاف حكم المقيم والمسافر في الإتمام والقصر، اختلافا من حيث إن الواجب على كل واحد منهم، غير الواجب على الآخر، والاختلاف إذا هو كالاختلاف في الصناعات والحرف وأصغار الأشياء، ومراسم الناس في أنها سبب الانتظام، وإنما منع الله اختلافا هو سبب الفساد، فهذا حكم مسائل الاجتهاد، فإن الاختلاف فيها سبب لاستخراج الغوامض ودقائق معاني الشرع، فاعلمه.
وما زالت الصحابة مختلفين في أحكام الحوادث، وهم مع ذلك متواصلون، وقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم في مثل ذلك:
«اختلاف أمتي رحمة» «٢».

(١) قال الزمخشري: «كانوا في الجاهلية بينهم الآجن والعداوات والحروب المتواصلة، فألف الله بين قلوبهم بالإسلام، وقذف فيها المحبة، فتحابوا وتوافقوا وصاروا إخوانا متراحمين متناصحين مجتمعين على امر واحد، قد نظم بينهم وأزال الاختلاف، وهو الأخوة في الله» اهـ.
كذلك انظر تفسير ابن كثير ج ١ ص ٣٨٩.
(٢) قال في المقاصد: رواه البيهقي في المدخل بسند منقطع عن ابن عباس بلفظ قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: مهما أوتيتم من كتاب فالعمل به لا عذر لاحد في تركه، فان لم يكن في كتاب الله فسنة مني ماضية، فان لم تكن سنة مني فمما قاله اصحابي، أن اصحابي بمنزلة النجوم في السماء، فأيما أخذتم به اهتديتم، واختلاف أصحابي لكم رحمة».
ومن هذا الوجه أخرجه الطبراني والديلمي بلفظه، وفيه ضعف.


الصفحة التالية
Icon