روى سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه قال: إذا أردت أن تعلم جهل العرب فاقرأ ما فوق الثلاثين والمائة من سورة الأنعام إلى قوله:
(قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلادَهُمْ سَفَهاً بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُوا ما رَزَقَهُمُ اللَّهُ افْتِراءً عَلَى اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا وَما كانُوا مُهْتَدِينَ) «١».
قوله تعالى: (وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشاتٍ)، الآية ١٤١.
استدل به من أوجب العشر في الخضروات، وأنه تعالى قال: (وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ)، والمذكور قبله الزيتون والرمان، والمذكور عقيب جملة ينصرف إلى الأخير بلا خلاف.
ومن يخالف ذلك يقول: الظاهر منه الحبوب، فإن الحصاد لا يطلق حقيقة إلا عليه، وإنما يطلق على ما سواه مجازا فاعلمه.
وأمكن أن يقال: إن المراد بقوله: (وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ) :
حقه الانفاق منه على ذويه وأقربائه وعلى نفسه، وصرفه في المصارف الواجبة، فإن ذلك بمعنى العشر أو نصف العشر، ويدل على ذلك أن الله تعالى قال: (وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ)، وإنما يقال ذلك فيما ليس مقدرا، بل هو مفوض إلى اختيار الإنسان واجتهاده، فعليه أن يراعي حد الاقتصاد والاجتهاد، فأما إذا كان الواجب محدودا مقدرا فلا يقال فيه: ولا تسرفوا، وهذا هو الظاهر من الكلام، وليس فيه دليل على العشر من الخضروات «٢».
قوله تعالى: (قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً)، الآية:
١٤٥.

(١) أنظر الشهاب، والسيوطي في الإكليل، وابن كثير، وفتح البيان.
(٢) انظر الإكليل للسيوطي


الصفحة التالية
Icon