وظنا أنه نهى كراهة وبين به أو أمكن أنه أشير إلى شجرة بعينها، فظنا أن المراد به العين، وكأن المراد به الجنس، كقول النبي عليه السلام حين أخذ ذهبا وحريرا فقال:
«هذان حرامان على ذكور أمتي» «١».
وقال في خبر آخر: هذان مهلكا أمتي.
وإنما أراد به الجنس لا العين.
قوله تعالى: (يا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنا عَلَيْكُمْ لِباساً) الآية ٢٦.
اعلم أن ظاهره الإنعام بإنزال اللباس، ويجوز أن يكون عين اللباس على هيئته قد أنزله الله تعالى على آدم حين أهبطه وتاب عليه، ويجوز أن يكون قد أنزل ما يحصل منه اللباس من بزره «٢»، وقد ظن علي بن موسى القمي وأبو بكر الرازي، أن في ذلك دلالة على وجوب ستر العورة، وذلك أنه قال: (يُوارِي سَوْآتِكُمْ)، فذلك إشارة إلى الوجوب، وليس فيه دلالة على ما ذكروه، بل فيه دلالة على الإنعام فقط.
واحتجوا عليه أيضا بأن قوله تعالى:
(لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطانُ كَما أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُما لِباسَهُما) «٣».
وذلك يدل أيضا على التحذير من زوال النعمة، كما نزل بآدم عليه السلام، هذا أن لو ثبت أن شرع آدم يلزمنا، والأمر بخلاف ذلك.
(٢) والبزر كل حب يبرز للنبات، وقال القرطبي: لباسا.
(٣) سورة الأعراف آية ٢٧.