قوله تعالى: (ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً) «١» : ظاهرها الندب إلى إحفاء الدعاء، فعلمنا ربنا كيف ندعوه، وروى أبو موسى الأشعري قال: كنا عند رسول الله صلّى الله عليه وسلم فسمعهم يرفعون أصواتهم فقال:
«أيها الناس انكم لا تدعون أصمّا ولا غائبا» «٢».
وروى سعد بن مالك عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم أنه قال: «خير الذكر الخفى وخير الرزق ما يكفى» «٣».
واستدل أصحاب أبي حنيفة بذلك، على أن إخفاء آمين، أولى من الجهر بها، لأنها دعاء، والدليل عليه ما روي في تأويل قوله تعالى: (قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما) «٤».
قال: كان موسى يدعو وهارون يؤمن، فسماهما الله تعالى داعيين.
والجواب عنه أن إخفاء الدعاء كان أفضل، لأنه أبعد عن الرياء.
وأما ما يتعلق بصلاة الجماعة، فإشهارها اشهار شعار ظاهر، وإظهار حق يندب العباد إلى إظهاره، وقد ندب الإمام إلى إشهار القراءة المشتملة على الدعاء، والتأمين في آخرها، معناه: حقّق اللهم ما سألناك.
وإذا كان الدعاء مما سن الجهر فيه، فالتأمين على الدعاء تابع له، وجار مجراه، وهذا بين.
قوله تعالى: (وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِها) الآية: ١٤٥.
(٢) أخرجه الامام البخاري والامام مسلم في صحيحيهما.
(٣) أخرجه الامام أحمد في مسنده، وأبو يعلى وأبن حبان في صحيحه، وأبو عوانة، والبيهقي في الشعب
(٤) سورة يونس آية ٨٩.