الإمام الإسماع، وليس في الاستماع غرض لأجله يجب الإسماع، فمن أين يجب الاستماع لما لا يجب إسماعه؟
ولو قال قائل مطلقا: لا يجب على المرء أن ينصت ويسمع قراءة القرآن، كان صدقا، وإنما هذا الذي قالوه في الصلاة.
ولئن قال قائل: إن الإنصات لتبليغ الوحي لا يختص بالقرآن، وكذلك إن حمل حامل الآية على الخطبة، فالاستماع للخطبة لا يختص بالقرآن، فالذي ذكرتموه يختص بلا دليل.
فيقال لهم: وأنتم أيضا خصصتم بلا دليل، فإنه قال: وإذا قرئ القرآن. وليس يجب الاستماع في غير الصلاة، فالذي ذكرتموه يخصّص بلا دلالة.
وقال كثير من أصحاب الشافعي:
إن المأموم يتحرى وقت سكتة الإمام، وكان لرسول الله صلّى الله عليه وسلم سكتتان في صلاته، فإن تعذر ذلك فيقرأ وقت قراءته سرّا.
وقال آخرون منهم: معنى الإنصات، لا يجهر بالقراءة منازعا للإمام، وإذا أخفى ذلك لم يخرج عن الإنصات.
وقد قيل: المراد به السكوت، حتى لا يقرأ البتة إلا عند فراغ الإمام.
وقال هؤلاء: لأجل ذلك أمر المأموم بتأخير القراءة عن حال الجهر أو تقديمه، وذلك إجماع.
واعلم أن الذي يوجب تأخير القراءة، ليس يوجب بدليل الآية على وجوب استماع قراءة القرآن مطلقا، فإن دلالة الآية في الصلاة وغيرها واحدة، وإنما يقول ذلك ليجمع بين سماع المتدبرين وإنصات المعتبرين


الصفحة التالية
Icon