وفيه دلالة على المنع من الانتفاع بالهدي بصرفه إلى جهة أخرى، ويدل على تحريم الأكل من الهدي نذرا كان أو واجبا، من إحصار أو جزاء صيد، ويمنع الأكل من هدي المتعة والقرآن، على ما هو مذهب الشافعي، وخالفه فيه أبو حنيفة.
وفيه تنبيه على أصل آخر، وهو أن الشافعي يقول:
إذا كان مطلق الهدي يتناول الأصناف الثلاثة على خلاف ما يقتضيه حق الوضع، فهو لعرف الشرع وتقييده المطلق من الهدي بالأصناف، فإذا كان كذلك فلم نجد في عرف الشرع، إلا أن لفظ الهدي تكرر في الكتاب في مواضع، فاقتضى ذلك كون الهدي صريحا في التقييد بالأصناف الثلاثة، وإن تناول من حيث اللغة ما سواه، كذلك لفظ الفراق والسراح من حيث تكررا في الكتاب والسنة، صارا صريحين في معنى الطلاق، وإن كان اللفظين محتملين لما سواه، وهذا بيّن ظاهر.
قوله تعالى: (وَلَا الشَّهْرَ الْحَرامَ) «١»، عنى به الأشهر الحرم ثلاثة متوالية وواحد مفرد، المفرد رجب، والمتوالية ذو القعدة وذو الحجة والمحرم.
وذلك منسوخ بجواز قتل الكفار في أي وقت كان «٢».
وقوله: (وَلَا الْقَلائِدَ) «٣»، نهى عن استباحة الهدي وصرفه إلى جهة أخرى، ونهى عن التعرض للقلائد: وهي أن المحرمين كانوا يقلدون أنفسهم والبهائم من لحا شجر الحرم، وكان قد حرم إذ ذاك ما
(٢) اختلف المفسرون في الآية حول النسخ، انظر كتاب غرائب القرآن ورغائب الفرقان.
(٣) أي لا تحلوا ذوات القلائد. والقلائد مفردها قلادة وهي ما يقلد به الهدي من نعل او عروة مزادة او لحاء شجر الحرم.