أصبت يوم بدر سيفا، فأتيت به النبي صلّى الله عليه وسلم، فقلت له: نفلنيه:
فقال: ضعه من حيث أخذت، فنزل قوله: (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ)، قال فدعاني رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقال: اذهب خذ سيفك.
وروي عن ابن عباس أنه قال: (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ)، الأنفال هي الغنائم التي كانت لرسول الله صلّى الله عليه وسلم خاصة ليس لأحد فيها شيء، ثم أنزل الله تعالى: (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ) «١».
وروى أبو هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: لم تحل الغنائم لقوم سود الرؤوس قبلكم، كانت تنزل نار من السماء فتأكلها، فلما كان يوم بدر أسرع الناس في الغنائم، فأنزل الله تعالى:
(لَوْلا كِتابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيما أَخَذْتُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ، فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالًا طَيِّباً) «٢».
ورووا عن عبادة بن الصامت وابن عباس وغيرهما، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم نفل يوم بدر أنفالا كثيرة مختلفة وقال: من أخذ شيئا فهو له.
واختلفت الصحابة فقال بعضهم:
نحن حمينا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وكنا ردءا لكم «٣».
وقال قوم: نحن قاتلنا وأخذنا، فلما اختلفنا وساءت أخلاقنا انتزعه الله من أيدينا وجعله إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقسمه غير الخمس، وكان في ذلك تقوى وطاعة رسول الله، وصلاح ذات البين لقوله تعالى:

(١) سورة الأنفال آية ٤١
(٢) سورة الأنفال آية ٦٨- ٦٩.
(٣) في الأصل: رداه.


الصفحة التالية
Icon