ومعلوم أن كل شيء فهو لله تعالى ملكا حقا، فلم يختلف العلماء أن المراد به استضياع كلام.
فتحصل من الجواب أن الأنفال للرسول.
وظاهر هذا القول يقتضي أمرين:
إما أن يكون ملكا لرسول الله صلّى الله عليه وسلم، أو وضعه حيث يريد، وإن لم يملكه حقيقة.
فعلى هذا الوجه اختلف العلماء، فقال بعضهم:
إن للرسول عليه الصلاة والسلام أن ينفل ذلك على المجاهدين على ما يراه صلاحا.
وقال بعضهم: بل ذلك ملك الرسول أو كالملك له، حتى يصرفه إلى من شاء.
وظاهر قوله: (فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ)، كالدلالة على أنه متى أراد وضع ذلك فيهم، تنازعوا واختلفوا، فأنزل الله تعالى ذلك، بعثا لهم على الرضا بما يفعله من القسمة بينهم، وذلك دليل على أنه ليس بملك له ولا لهم وإلا كانوا في ذلك كغيرهم، وكان لا يكون لقوله تعالى: (فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ) معنى، فإن أراد المريد بالملك أن له أن يتصرف فيه على ما يراه ويختاره فنعم، وإن أراد به الاستبداد والانتفاع به، فما ذكرناه كالمانع منه، وقيل لذلك نفل، لأن الغنائم لما لم تكن مباحة من قبل، كانت كأنها عطية زائدة من الله تعالى، فسميت أنفالا لذلك «١».
قوله تعالى: (وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى فِئَةٍ)، الآية: ١٦.

(١) أنظر القاسمي.


الصفحة التالية
Icon