وأصحابه جمعوا غنائمهم، فتنزل نار من السماء فتأكلها، فأنزل الله تعالى:
(لَوْلا كِتابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيما أَخَذْتُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ، فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالًا طَيِّباً) «١».
وقوله: (فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالًا طَيِّباً)، يقتضي بظاهره أن تكون الغنيمة للغنائم فقط، وأن يكونوا مشتركين فيها على سواء، إلا أن قوله تعالى: (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ)، بين وجوب إخراج الخمس منه وصرفه إلى الوجوه المذكورة، ثم بعده يخلص للقائمين بعد الصفي والسلب والعطايا المتقدمة، ولولا الأخبار المأثورة لكان الفارس كالراجل، والعبد كالحر، والصبي كالبالغ.
واعلم أن الاتفاق حاصل على أن المراد بقوله: (غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ) : مال الكفار، إذا ظهر به المسلمون على وجه الغلبة، ولا تقتضي اللغة هذا التخصيص، ولكن عرف الشرع قيد اللفظ بهذا النوع: وسمى الشرع الواصل إلينا من الكفار من الأقوال باسمين:
أحدهما: الفيء، وهو الذي يصل إلينا من الكفار من غير حرب، كالجزية والخراج الحق.
ثم إن الله تعالى كما أضاف الغنيمة إلى الغانمين، أضاف الفيء إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فقال:
(ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى) «٢».
فاقتضى ظاهر الآية، أن يجعل بعد إخراج الخمس أربعة أخماس،
(٢) سورة الحشر آية ٧.