قوله تعالى: (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِباطِ الْخَيْلِ)، الآية: ٦٠:
هو الأمر بالاستعداد للعدو، وبإعداد الكراع والسلاح قبل وقت القتال إرهابا للعدو، والتقدم في ارتباط الخيل استعدادا لقتال المشركين، ومنه أخذ إعداد الأموال والخزائن لحاجة المسلمين إليها يوم القتال.
قوله تعالى: (وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها)، الآية ٦١:
منسوخ بقوله تعالى: (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ) «١»، و (قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ) «٢» وهو الظاهر.
فإن سورة براءة، آخر ما نزلت، فكان العهد بين رسول الله والمشركين قبل ذلك، وقد قال تعالى:
(فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ) «٣».
فنهى عن المسالمة عند القوة على قهر العدو وقتلهم، ولذلك قال بعض أصحابنا: إذا قدر بعض أهل الثغور على قتال العدو لم يجز مسالمتهم، قالوا: وإن قدروا بعد ذلك على قتالهم، نبذوا إليهم على سواء إن توقعوا منهم غائلة، وإن لم يمكنهم دفع العدو عن أنفسهم إلا بمال يبذلونه لهم، جاز لهم ذلك، لأن النبي عليه الصلاة والسلام قد كان صالح عيينة بن حصن وغيره يوم الأحزاب على نصف ثمار المدينة، حتى إنه لما شاور الأنصار، قالوا: هذا مما أمرك الله به أم الرأي والمكيدة «٤» ؟ فقال: لا بل
(٢) سورة التوبة آية ٢٩.
(٣) سورة محمد آية ٣٥. [.....]
(٤) أخرجه ابن سغد في طبقاته، وابن هشام في سيرته، والترمذي في الشمائل.