عن جهة الزكاة، فإنه يصح، فإنه حصل به الامتحان والتكليف. وكذلك ما نحن فيه، أما إذا هوى من علو وفي مستقر وقوعه ماء، فلا يتحقق منه القصد الذي يمكن أن يتعلق به امتحان أو تكليف، فظهر الفرق بينهما.
قوله تعالى: (وُجُوهَكُمْ) : الوجه المعروف في المتعارف ما تواجه به «١»، وذلك يدل على أنه لا يجب المضمضة والاستنشاق، لأن الوجه لا يتناوله، مع أنه ليس مما تواجه، ولو كان من الأركان الأصلية في الوضوء، ما كان لائقا بالشرع أن يذكر الله تعالى أعضاء الوضوء الواجب غسلها ولا يذكرهما.
(وَما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا) «٢».
وفي ما استرسل من اللحية عن الوجه اختلاف قول:
فقائل يقول: إنه من الوجه لأنه يواجه.
والقائل الآخر يقول: نبات الشعر عليه بعد ظهور البشرة، لا يخرجه عن أن يكون من الوجه، كما أن شعر الرأس من الرأس، وقد قال الله تعالى: (وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ)، فلو مسح على شعر رأسه من غير بلاغه إلى البشرة، جاز ذلك، وكان ماسحا على الرأس وفاعلا لمقتضى الآية عند جميع المسلمين، وكذلك نبات الشعر على الوجه، لا يخرجه من أن يكون منه.
ومن لا يرى أنه من الوجه يفرق بينه وبين شعر الرأس، لأن شعر الرأس يولد المرء عليه، وهو بمنزلة شعر الحاجب، في كون كل واحد

(١) انظر القرطبي ج ٥ ص ٢٠٩، ج ٦ ص ٨٣.
(٢) سورة مريم آية ٦٤.


الصفحة التالية
Icon