وإذا ثبت هذا فقد قال تعالى: (وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ) الآية.
ذكر المرض والسفر مع الأحداث ذكرا واحدا، وليسا حدثين، فلا جرم اختلف العلماء في معنى الآية:
فأما زيد بن أسلم فإنه ذكر في الآية تقديما وتأخيرا فقال:
تقديره: إذا قمتم إلى الصلاة من نوم، أو جاء أحد منكم من الغائط «١» أو لمستم النساء، فاغسلوا وجوهكم- إلى قوله- وإن كنتم جنبا فاطهروا وإن كنتم مرضى أو على سفر ولم تجدوا ماء.
والذي يرد على هذا من الاعتراض على مقتضى هذا القول: فيكون ذاكرا بعض أسباب الحدث، من غير أن يذكر الحدث مطلقا، ويكون ذاكرا للجنابة المطلقة من غير ذكر أسبابها وموجباتها، فإن غير زيد بن أسلم يقول:
تقدير الآية: «إذا قمتم إلى الصلاة وأنتم محدثون مطلقا»، لينتظم مع قوله: (وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا)، فإنه إذا ذكر أسباب الحدث عند وجود الماء، فيشبه أن يذكر أسباب الجنابة، وإن ذكر الحدث مطلقا، ذكر الجنب مطلقا، ففيما ذكره زيد بن أسلم قطع الانتظام من هذا الوجه. مع انه لم يبين «٢» تمام الأحداث، فإنه لم يذكر النوم وهو حدث، ولا زوال العقل بأي سبب كان، ولامس الذكر عند قوم، ولا خروج الخارج من غير السبيلين عند قوم، فهذا يرد على تقدير التقديم والتأخير، مع أن تقدير التقديم والتأخير يورث ركاكة في

(١) انظر تفسير القرطبي ج ٦ ص ١٠٤.
(٢) ورد في نسخه ثانية: يثبت.


الصفحة التالية
Icon