وربما نسلم لهم إذا غلب الظن بعدم الماء، وهم يسلمون لنا إذا لم يبعد وجود الماء، فيرتفع الخلاف «١».
وفي أصحابنا من يقول: إذا لم يتيقن عدم الماء لم يصح التيمم، لأن عدم الماء شرط، والشرط لا بد من تيقنه.
وهذا بعيد، فإنه وإن طلب وبالغ، فلا يحصل التيقن من «٢» من عدم الماء، وإنما يحصل الظن الغالب، فأما اليقين فغير مظفور به، وفي الوقت أمكن انتظار اليقين، فافترقا لذلك.
وإذا خاف في الاستعمال بالوضوء فوات الوقت، لم يتيمم عند أكثر العلماء، ومالك يجوز التيمم في مثل ذلك.
وللشافعي مسائل تدل على ما يقارب مذهب مالك، واستقصيناها في المذهب.
والذي لا يجوز يتعلق بقوله تعالى: (فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا)، وهذا واجد، فقد عدم شرط صحة التيمم فلا يتيمم.
والقائل الآخر يقول: ما جاز التيمم في الأصل إلا لحفظ وقت الصلاة، ولولا ذلك لوجب تأخير الصلاة إلى حين وجود الماء.
فيقال: ولكن يمكن أن يقال: إلا أن السفر يكثر وإعواز الماء فيه يغلب، فلو جاز تأخير الصلاة إلى حين وجود الماء، تكاسل الناس عن إعادة الصلاة، فأوجبت الصلاة بالتيمم تمرينا عليه.
وهذا لا يتحقق فيما إذا كان فوت الصلاة نادرا في حالة خاصة فاعلمه.
فإن قيل: جازت صلاة الخائف لأجل الوقت مع ندور الخوف.

(١) انظر القرطبي ج ٥ ص ٢٢٩.
(٢) في الأصل: في


الصفحة التالية
Icon