ولما قال الله سبحانه وتعالى: (إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا)، جعل وجوب الطهارة للقيام إلى الصلاة، وتقديره إذا قمتم إلى الصلاة وأنتم محدثون، فإذا شرع في الصلاة بالتيمم وصح الشروع ثم وجد الماء، فليس هو قائما إلى الصلاة، فلا يتناوله الأمر بالطهارة.
وتتمة القول فيه، أنه قد صح منه أداء ما شرع فيه، ومتى صح منه أداء ما شرع فيه، فلا يمكن أن يقال إنه كان التيمم شرطا لبعض الصلاة، فإن كون التيمم شرطا لبعض الصلاة لا يتحقق معناه، مع أن المشروط لا بعض له، فلا بد أن يجعل شرطا للجميع ضرورة تصحيح البعض، فإذا حكمنا بصحة البعض على تقدير أن التيمم لا بعض له، اقتضى ذلك كون التيمم شرطا لصحة جميع الصلاة، وخروج الوضوء عن كونه شرطا، في حالة كون التيمم شرطا.
ولا يجوز أن يقال إن كون التيمم شرطا موقوف، فإنه لو كان كذلك كانت صحة الصلاة موقوفة، وهي صحيحة قطعا بلا وقف.
وإن هم قالوا: إذا وقع في علم الله تعالى أن يجد الماء في خلال الصلاة، لم تكن الصلاة صحيحة من الأول، فهذا باطل، فإن حكم الله تعالى مبني على وجود سببه، وعلى توافر شرائطه، وقد توافرت شرائط الصحة في أول الصلاة، فلا يمكن الحكم بعدم الصحة.
فإن قيل: فإذا تخرق الخف أو انقضت مدة المسح، أليس تبطل الصلاة، مع أن القدر الذي وقع الشروع فيه كان صحيحا؟
والجواب: أن ذلك سببه أن الحكم بالصحة على تقدير توافر الشرائط، وجعلنا التيمم شرطا لصحة جملة الصلاة، ولأنه لا يمكن جعله شرطا لصحة البعض، وليس في حق الماسح شيء يمكن أن يقال إنه جعل شرطا


الصفحة التالية
Icon