وكذلك إحراق علي رضي الله عنه قوما من أهل الردة، بالإحراق بالنار، يجوز أن يكون ميلا إلى هذا المذهب واعتمادا على عموم اللفظ.
قوله تعالى: (يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ) «١»، الظاهر أنه يوم عرفة، قال عليه الصلاة والسلام: الحج عرفة.
ويجوز أن يكون يوم النحر، وورد في كل واحد منهما أثر، وتسميته الحج الأكبر يدل على أن العمرة أصغرهما.
قوله تعالى: (فَإِنْ تابُوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ) «٢» :
هذه الآية فيها تأمل، فإن الله تعالى علق القتل على الشرك، ثم قال:
(فَإِنْ تابُوا)، والأصل، أن القتل متى كان الشرك يزول بزواله، وذلك يقتضي زوال القتل بمجرد التوبة، من غير اعتبار إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة، ولذلك سقط القتل بمجرد التوبة قبل وقت الصلاة وإيتاء الزكاة، فهذا بين.
غير أن الله تعالى ذكر التوبة وذكر معها شرطين آخرين، فلا سبيل إلى إلغائهما، وصح أن الصدّيق رضي الله عنه قاتل مانعي الزكاة، لا من جحد وجوب الزكاة فقط، بل من قال لا أؤديها إليك.
فقال أبو بكر: «لا والله حتى آخذها كما أخذها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم» «٣».
وإنما فعل ذلك، فهم العلماء منه قتال مانعي الزكاة، لأن الله تعالى شرط أمورا ثلاثة في ترك القتال، فلا بد من وجودها جميعا، ودل قوله تعالى

(١) سورة التوبة آية ٣.
(٢) سورة التوبة آية ٥
(٣) رواه البخاري عن أبي هريرة.


الصفحة التالية
Icon