نعم، فهمنا من جعلهما شرطا خروج ما قبل حالة الوجوب، لأنه لا يجوز أن يجعلهما شرطا، ولما وجبا ولزما.
فالظاهر ما قاله الصدّيق، وهو جواز محاربتهم «١» إذا امتنعوا من القيام بهما.
وقد كان كثير من الناس يعترفون بوجوب الزكاة، لكنهم كانوا يمتنعون من دفعها إليه، وأمر مع ذلك بمحاربتهم وقال: لو منعوني عقالا مما أعطوا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لقاتلتهم عليه.
فتبين بذلك أن الزكاة للإمام فيها حق الأخذ، فمتى امتنعوا وانحازوا إلى فئة حل قتالهم وقتلهم، ما داموا مصرين على الامتناع، وكذلك إذا امتنعوا من الصلاة، وفعلها على وجه يظهر.
فإن قيل: فقد خص الله تعالى هذا بالمشركين وقتالهم، فمن أين أن هذا جائز في حق المؤمنين؟
والجواب: أنه إذا ثبت أن التوبة تسقط القتل، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة تسقط القتل، فمقتضاه: أن المشرك إذا تاب ولم يصل ولم يزك وجب عليه القتل، وهذا ما نقوله.
يبقى أن يقال: إن الآية أوجبت التسوية بين منع الصلاة ومنع الزكاة، والشافعي يخصص بالصلاة.
والجواب: أن عند الشافعي لا فرق بين البابين، إلا أن في الزكاة أخذها ممكن قهرا، وفي الصيام يمكن أن يحبس في موضع فيجعل ممسكا، والركن الأعظم في الصوم الإمساك، فأما الصلاة، فاستيفاؤها منه غير

(١) وهو قوله في الحديث الصحيح الذي أخرجه البخاري، ورواه أبو هريرة رضي الله عنه:
«والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة، فان الزكاة حق المال.. إلخ».


الصفحة التالية
Icon