يدل على أن المعاهد لا يقتل في عهده ما لم ينكث، وذكر الأمرين لا يقتضي توقف قتالهم على وجودهما، فان النكث يقتضي ذلك بانفراده عقلا وشرعا.
فالمراد به على هذا الوجه التمييز في الجمع، وتقديره:
فإن نكثوا حل قتالهم وإن لم ينكثوا وطعنوا في الدين مع الوفاء بالعهد حل قتالهم.
وهذا يقوي مذهب الشافعي، فإن المعاهد إذا جاهر بسب الرسول وطعن في الدين فإنه يحل قتله وقتاله.. وأبو حنيفة رأى أن مجرد الطعن في الدين لا ينقض به العهد، ولا شك أن دلالة الآية قوية فيما قاله الشافعي.
فإن قيل: فلم قال: فقاتلوا أئمة الكفر؟ ولم خصصهم بذلك مع وجود القتال من جميعهم؟
الجواب: أن من المحتمل أن يكون المراد به أن المقدم على الطعن في الدين ونكث العهد صار أصلا ورأسا في الكفر، فهو من أئمة الكفر على هذا التأويل، أو عنى به المقدمين والرؤساء منهم، وأن قتالهم قتال أتباعهم، وأبان أنهم لا يحترمون ولا يهابون.
وقد قيل: عنى به صناديد قريش، كأبي جهل وعتبة وشيبة وأمية ابن خلف.
وهذا بعيد: فإن الآية في سورة براءة، وحين نزلت وقرئت على الناس استؤصل شأفة «١» قريش فلم يبق منهم إلا مسلم أو مسالم.

(١) استأصل شأفته أي أذهبه الله. والشأفة هي القرحة التي تخرج في أسفل القدم وتذهب بالكي.


الصفحة التالية
Icon