أوقاتها التي هي عليها شتاء وصيفا وخريفا وربيعا، فاقتضاهم ذلك أوضاعا مختلفة. فوضعت الروم اثني عشر شهرا، بعضها ثمانية وعشرون، وبعضها ثمانية وعشرون ونصف، وبعضها أحد وثلاثون، وكانت شهور الفرس ثلاثين إلا شهرا واحدا، وهو أباز ماه، فإنه خمسة وثلاثون، ثم كانت تكبس في كل مائة وعشرين سنة شهرا كاملا، فتصير السنة ثلاثة عشر شهرا، فأما أشهر العرب، فإنها تسعة وعشرون أو ثلاثون، وأبطل الله تعالى كبسه الفرس، وجعلها ثلاثة عشر شهرا في بعض السنة، وأبطل ما كان المشركون عليه من تغيير النظام، وصارت الشهور التي لها أسامي لا تؤدي الأسماء معانيها، لأنها تارة تكون في الصيف، وتارة تكون في الشتاء، وأراد الله تعالى أن يجعل شهر رمضان تارة في الصيف وتارة في الشتاء، استيغالهم مصالح الدين والدنيا في التخفيف تارة، وفي التغليظ أخرى، ولم يكن صومنا كصوم النصارى في الربيع لا يختلف.
قوله تعالى: (إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيادَةٌ فِي الْكُفْرِ)، الآية/ ٣٧.
هو متعلق بما تقدم، وهو أن العرب كانت تجعل المحرم صفر وصفر المحرم في بعض السنين، على ما كانت تقضيه الكبسة التي كانت لهم.
وأول من وضع ذلك من العرب ملك لهم يقال له القلمّس «١»، واسمه حذيفة، وهو أول من أنسأ النسيء، أنسأ المحرم، فكان يحله عاما ويحرمه عاما، فكان إذا حرمه كان ثلاثا حرما متواليات، وهي التي يقال ثلاثة سرد، وهي العدة التي حرم الله تعالى في عهد ابراهيم، فإذا أحله دخل مكانه صفر في المحرم لتواطئ العدة، يقول قد أكملت الأربعة كما كانت، لأني لم أحل شهرا إلا وقد حرمت مكانه شهرا، لكنه ليس مسرورا،

(١) القلمس بقاف فلام مفتوحتين، ثم ميم مشددة قال في القاموس وشرحه: هو رجل كناني من نسأة الشهور على معد في الجاهلية.


الصفحة التالية
Icon