وللفقراء مراتب لا تنحصر في مرتين أو ثلاثة أو أربعة، والذي يعددها ينظر إلى العطف ومعناه، وذلك يقتضي الفرق بينهما، فيقال:
الفقير هو الشديد الحاجة مع التعفف، والمسكين هو المظهر لحاجته بالمسألة.
ولعل من جعل الفقير هو الزمن، فلأن الزمانة تقعد عن الطلب، ومن جعل المسكين الصحيح فلتمكينه من الطلب.
واعلم أن مطلق الفقير ليس فيه شرط وتقييد، بل فيه دلالة جواز الصرف إلى ذوي القربى من بني هاشم وغيرهم، ولكن السنة وردت باعتبار شروط، منها أن يكون من بني هاشم. وروي عن أبي يوسف «١» جواز صرف صدقة الهاشمي إلى الهاشمي.
ومن شرائطه ألا يكون كسوبا مقدار كفايته، فإنه عليه الصلاة والسلام قال:
«لا تحل الصدقة لغني، ولا لذي مرة سوي» «٢».
والظاهر يقتضي جواز ذلك، لأنه فقير مع قوته وصحة بدنه، وبه قال أبو حنيفة وأصحابه.
ومن شرائطه: أن يكون ممن لا تلزم المتصدق نفقته، ولكن هذا الوجه يحرم الزكاة للفقر لا للغرم أو غيره من الصفات.
واختلفوا فيما به يخرج عن كونه فقيرا، فقال قوم: بألا يملك نصابا.

(١) وأبو يوسف هو صاحب الامام الأعظم أبو حنيفة رضي الله عنهما، وهو القاضي الفقيه أبو يوسف يعقوب بن ابراهيم صاحب كتاب لخراج المشهور. [.....]
(٢) أخرجه الامام أحمد في مسنده والزيلعي في نصب الراية.


الصفحة التالية
Icon