وذكر علي بن موسى القمي أنهم أجمعوا على أن المكاتب مراد، واختلفوا في عتق الرقاب، وذكر هو وجوها بينة في منع ذلك.
منها: أن العتق إبطال ملك وليس بتمليك، وما يدفعه إلى المكاتب تمليك، ومن حق الصدقة ألا تجري إلا إذا جرى فيها التمليك، وقوى ذلك بأنه لو دفع الزكاة عن الغارم في دينه من غير إذنه، لم يجزه من حيث إنه لم يملك، فلأن لا يجزى ذلك في العتق أولى.
وذكر أن في العتق جرّ الولاء إلى نفسه، وذلك لا يحصل في دفعه إلى المكاتب.
وذكر أن ثمن العبد إذا دفعه إلى العبد لم يملك، وإن دفعه إلى السيد فقد ملكه الغنى، وإن دفعه بعد الشراء والعتق، فهو قاض دينا، وذلك وذلك لا يجوز في الزكاة.
وأما حق الغارمين، فقد قيل هو المستدين من غير سرف ولا وفاء في ماله بدينه، وروى قريب من ذلك عن ابن عمر وعائشة، وروى علي بن موسى القمي بإسناده عن الحسن بن علي أنه قال:
أن المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاثة:
لذي فقر مدقع، ولذي غرم مفظع، ولذي دم «١» موجع، وعلى هذا إذا تحمل مما له فيها مصلحة للمسلمين.
وروي عنه صلّى الله عليه وسلّم في حديث قبيصة بن مخارق أنه قال:
تحملت حمالة فأتيته صلّى الله عليه وسلّم فسألته فقال: «يؤديها عنك إذا جاءت نعم الصدقة». ثم قال: «أما علمت أن المسألة لا تحل إلا لثلاثة:
رجل تحمل حمالة فحلت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش أو سدادا من عيش.

(١) وهذا أخرجه أبو داود في سننه والطبراني في معجمه الكبير، وابن حميد في مسنده.


الصفحة التالية
Icon