قوله تعالى: (ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ)، الآية/ ١١٣.
فأبان أنه لا يغفر لهم، وحرم ذلك، لأنه طلب مغفرة مأيوس منها سمعا.
وأبان أن استغفار إبراهيم لأبيه، كان على توقع الإيمان منه إذا آمن، فلما علم أنه لا يؤمن امتنع من الاستغفار.
قوله تعالى: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ)، الآية/ ١١٩.
فيه دلالة على التأمل في الأقوال، وأن لا نتبع منها إلا ما دلت الدلالة عليه، وبان صدقه، فأما أن نأخذ تقليدا دون أن نعلم صدقه فلا وليس فيه دلالة على رد أخبار الآحاد والظنون، فإنها لا تقبل عندنا إلا إذا دل الدليل القاطع على وجوب اتباعها والعمل بها عند ذلك الدليل، الذي يوجب العلم به، معلوم صدقه حقيقة، فيكون الإتباع للصادق تحقيقا.
وقال تعالى في سورة البقرة:
(لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ- إلى قوله- أُولئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا) «١».
وهذه صفة أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام، المهاجرين والأنصار منهم، ثم قال في هذه الآية: (كُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) «٢».
فدل على وجوب إتباعهم والاقتداء بهم، لإخباره أن من فعل ما ذكر

(١) سورة البقرة آية ١٧٧.
(٢) سورة التوبة آية ١١٩.


الصفحة التالية
Icon