وذكر ذاكرون من أصحاب أبي حنيفة، أن في الآية دليل على تحريم لحومها، فيقولون:
في الأنعام ذكر الله تعالى في الكتاب، أنها للأكل، وفي البغال والحمير أنها للركوب والزينة، وذكروا في تحقيق ذلك أن الله تعالى ذكر في الأنعام منافع الركوب، وحمل الأثقال إلى البلاد، وذكر الجمال بها حين تريحون وحين تسرحون، فنبه على المنافع الأصلية، والنادرة، كالأكل والركوب على الأنعام، فلو كانت الخيل مأكولة لذكره.
ويجاب عنه، بأن الله تعالى لم يذكر ذلك، لأنه لا يعد للأكل عرفا، وإنما يؤكل إذا أصابته زمانه، ونقصت قيمته، فلم يذكر الأكل بما فيه من نقصان وخسران. بخلاف الأنعام التي منها الأكل، وأن حمل الأثقال عليها هو المقصود.
قوله تعالى: (وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَها)، الآية/ ١٤.
يحتج به أبو يوسف «١» ومحمد والشافعي، فيمن حلف لا يلبس حليا فلبس لؤلؤا، أنه يحنث لتسمية الله تعالى إياه حليا «٢».
وأبو حنيفة لا يرى ذلك، لأن الحلي إذا أطلق لا يفهم منه اللؤلؤ، وذلك مكابرة منه.
قوله تعالى: (وَمِنْ ثَمَراتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنابِ)، الآية/ ٦٧.
يدل على أن ذلك من الآيات التي يجب الإعتبار بها، لأنه عطف على ما تقدم.
(٢) أنظر السيوطي في الإكليل.