الله فتح باب الخير لتتوصل به إلى مواساة السائل، فإن قعد بك الحال عن المواساة (فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُوراً)، يعمل في مسرة نفسه عمل المواساة فتقول: الله يرزق، والله يفتح بالخير.
قوله تعالى: (وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ)، الآية/ ٢٩:
هو مجاز عن البخل والجود ومراعاة الإقتصاد فيهما جميعا، فقال:
(وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ) : فلا تعطي من مالك شيئا.
ولما كان العطاء في الأكثر باليد غير غل اليد عن الإمساك، فالذي لا يعطي شيئا جعله بمنزلة من يده مغلولة إلى عنقه، والعرب تصف البخيل بضيق اليد، فيقولون: فلان ضيق الكفين إذا كان بخيلا، وقصير الباع، وفي ضده رحب الذراع طويل الباع طويل اليدين.
وقال النبي عليه الصلاة والسلام لنسائه:
«أسرعكن بي لحاقا أطولكن يدا» «١».
وإنما أراد به كثرة الصدقة، فكانت زينب بنت جحش، لأنها كانت أكثرهن صدقة.
وقال الشاعر:

وما كان أكثرهم سواما ولكن كان أرحبهم ذراعا
قوله تعالى: (وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ)، فلا تخرج جميع ما في يدك مع حاجتك وحاجة عيالك.
(فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً)، يعني ذا حسرة على ما خرج من يدك.
(١) أخرجه مسلم بن الحجاج بسنده عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها.


الصفحة التالية
Icon