واحتج الرازي به على وجوب سجود القرآن على المستمع والقارئ، وهذا بعيد، فإن هذا الوصف شامل لكل آيات الله تعالى، وضم إلى السجود البكاء، وأبان به عن طريقه الأنبياء في تعظيمهم الله تعالى وآياته، وليس فيه دلالة على وجوب ذلك عند سماع آيات مخصوصة.
قوله تعالى:
(وَما يَنْبَغِي لِلرَّحْمنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً، إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمنِ عَبْداً)، الآية/ ٩٢، ٩٣.
فيه دلالة على أن الولد لا يكون مملوكا لأبيه خلافا لمن قال: إنه يشتريه فيملكه ولا يعتق إلا إذا أعتقه، وقد أبان الله تعالى المنافاة بين الولادة والملك.
واستدل إسماعيل بن إسماعيل بن اسحق بدليل آخر، ونقله الرازي في كتابه عنه فقال:
وقد اتفق أهل العلم على أن أمة الرجل إذا حملت منه، فإن الولد يتحرر في بطن أمه، مع أن العبرة في رق الولد برق الأم، وحرية الوالد لا تقتضي حرية الولد، فلم يكن عتق الولد من جهة كون الأب حرا، وإنما كان من جهة أن الولد لو علق رقيقا، لكان ملكا للوالد، ولا يثبت الملك للوالد على الولد أصلا.
إلا أن الولد تم حر الأصل، لأنه لا حاجة إلى إثبات الرق والملك للولد، فعلق الولد حرا هنالك، حتى لا يثبت للوالد على الولد ملك.
وإذا اشترى، فلا يمكن أن يقال إن الملك لا يثبت، فإن الملك لو لم يثبت لم يصح الشراء، ولا بد من تصحيح الشراء.
وقال مالك: ينقل المالك الملك إلى المشتري، فيثبت له الملك بقدر ما يحصل به الانتقال ضرورة تصحيح الشراء، وامتنع بعد ذلك ثبوت ملك الوالد عليه.