أن المضغة التي هي غير مخلقة قد دخل فيما ذكر من خلق الناس كما ذكرت المخلقة، ودل على أن كل ما يكون من ذلك إلى خروج الولد من بطن أم فهو حمل، وقد قال تعالى: (وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ) «١».
وهذا لا حجة فيه، فإن الله تعالى لم يذكر أنه حمل، وإنما نبه على قدرته بأن خلقنا من المضغة والعلقة والتراب والنطفة، وليس الولد نطفة ولا مضغة، بل خلق منه الولد، وما دخلت العلقة في اسم الإنسان، ولا النطفة ولا المضغة التي ليست مخلقة.
وقوله تعالى: (وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ)، فالمراد به ما يسمى ولدا.
واستدل إسماعيل بن إسحاق أنه يرث بهذا وهو غلط «٢»، فإنه يرث عند الولادة حيا مستندا إلى حالة كونه نطفة، ولا كلام فيه حتى لو طلقها من أربع سنين وأتت بولد، يعلم أنه في تلك الحالة كان نطفة يرث أيضا، ولو انفصل ميتا وقد تكامل خلقه لم يرث، وانقضت به العدة، فهما بابان متباينان.
قوله تعالى: (وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ الَّذِي جَعَلْناهُ لِلنَّاسِ سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَالْبادِ)، الآية/ ٢٥:
احتج به قوم على منع بيع دور مكة، فإنها مخلاة للساكنين، لا يتخصص سكانها بها، وهذا في غاية البعد، ولا شك أن أبنيتها لملاكها لا يزاحمون فيها دون إذنهم، إلا ما كان وقفا على الصادر والوارد، وأكثر
(٢) أنظر أحكام القرآن للجصاص