قوله تعالى: (وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ)، الآية: معنى الإلحاد من المتعارف: الميل إلى الكفر، والظلم لفظ عام.
أبان الله تعالى أن الظلم فيه أعظم من الظلم فيما سواه.
قوله تعالى: (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ)، الآية/ ٢٧:
ظاهره أنه خطاب لإبراهيم، لأنه مسوق على مخاطبته، بقوله تعالى:
(وَإِذْ بَوَّأْنا لِإِبْراهِيمَ مَكانَ الْبَيْتِ)، الآية/ ٢٦.
وروي عن ابن عباس في ذلك، أن ابراهيم عند هذا الأمر نادى:
يا أيها الناس إن ربكم قد اتخذ بيتا وقد أمركم أن تحجوه، فلم يبق إنس ولا جن إلا قالوا: لبيك اللهم لبيك «١».
وعن علي نضر الله وجهه مثل ذلك.
وعلى هذا يقولون إن رسول الله كان قد حج قبل الهجرة مرتين، فسقط الفرض عنه بذلك.
وهذا بعيد، فإنه إذا ورد في شرعه:
(وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ) «٢»، فلا بد من وجوب عليه، بحكم الخطاب في شرعه.
ولئن قيل: إنما خاطب من لم يحج، كان تحكما وتخصيصا بلا دليل، ويلزم عليه أن لا يجب بهذا الخطاب على من يحج على دين إبراهيم، وهذا في غاية البعد.
وقد أبان الله تعالى أنهم يأتون ركبانا ومشاة لا لنفس السفر، بل ليشهدوا منافع الدين والدنيا أيضا من التجارة وغيرها.

(١) أنظر تفسير الدر المنثور في التفسير بالمأثور.
(٢) سورة آل عمران آية ٩٧.


الصفحة التالية
Icon