واختلفوا في تحريم المصاهرة.
واختلفوا في تحريم المخلوقة من ماء الزنا، فإنهم اختلفوا في أن تحريم بنته إنما كان لمكان النسب، أو لمكان أنها تولدت من مائه مطلقا.
وإذا وطئها في دبرها أو لاط بغلام، فقد اختلفوا فيه على حسب اختلافهم في أن الزنا أوجب الحد، لكونه مستنكرا في النفوس والطباع، وهو مؤذن بالهتكة والفضيحة، فإذا كان كذلك، فاللواط أعظم وأشنع في هذا الباب.
ومنهم من يرى أن السبب في تعظيم تحريمه، ما يتولد من فساد النسل واختلاط الأنساب.
وظن ظانون أن كتاب الله تعالى لا ينبئ عن دخول اللواط تحت اسم الزنا، لأن الله سبحانه قال: (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي).
فقيل لهم: لم يذكر في الظاهر الزاني بها والزانية به، بل أطلق ذلك، فانطلق على اللواط.
فأجابوا بأن المفهوم من الظاهر، أن الفعل منهما لا من أحدهما «١».
ومتى قيل: إذا لم يفهم ذلك من قوله والسارق والسارقة، بل دخل فيها السارق من غيرها، فكذلك هاهنا.
فأجابوا بأن الزنا لا يكون إلا بينهما، ومن فعلهما، والسرقة ينفرد بها أحدهما فافترقا.
وهذا ركيك عندنا، وأول ما فيه أن لا يدخل في عمومه الزاني بالمجنونة والصغيرة والمكرهة على الزنا والحربية، إذا لم تعرف أحكام

(١) أنظر أحكام القرآن للجصاص الجزء الخامس ص ٩٤ حتى ٩٩.


الصفحة التالية
Icon