قدمناه من قبل، والشافعي يضم النفي إلى الجلد في حق البكر، وليس في الآية ما ينفيه، فإن النفي يجوز أن لا يذكر عند ذكر مائة جلدة وإشهار المجلود به، وهذا مما شرحناه في مسائل الفقه، وليس في الظاهر ما ينفي الحد ولا ما يثبته، فهو مأخوذ من السنة عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم.
وأوجب الشافعي الرجم على الذميين، كما أوجب على المسلمين، تلقيا من الخبر النص في حق الذميين من عموم قوله عليه الصلاة والسلام:
«الثيب بالثيب جلد مائة والرجم» «١».
ومالك يقول: إنما رجمهما رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من حيث لم يكن لليهود من ذمة، وتحاكموا إليه فحكم بينهما بحكم التوراة، فلم يكن في قتله نقض ذمة رسول الله صلّى الله عليه وسلم، ولا بعد في إجراء أحكامهم عليهم، وهذا بعيد، فإن قتل الكافر إن جاز، فإنما يجوز بغير وجه الرجم، والرجم لم يكن مشروعا، فيحرم بحكم شرعنا، فكيف يجوز إجراؤه عليهم على موجب دينهم؟
وإذا ثبت ذلك، فقد قال تعالى: (فَاجْلِدُوا)، فالظاهر يقتضي فعل أول ما يسمى جلدا، فإذا فعله واستوفى العدد، فقد وفي الظاهر حقه، وما زاد على ذلك على أصل التحريم.
ولا يجوز أن يتخير الجلاد بين التخفيف والتشديد، فإنه لا يجوز أن يتخير الإنسان بين عقوبة مسلم وتركها.
والمفسرون والفقهاء، حملوا ظاهر الآية على ما جرت به العادة من فعل الضرب أو التأديب «٢».
(٢) أنظر تفسير القرطبي، سورة النور.