وقال أبو الزناد: جلد عمر بن عبد العزيز عبدا في الفرية ثمانين.
وقال الله تعالى:
(فَإِذا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ ما عَلَى الْمُحْصَناتِ مِنَ الْعَذابِ) «١»، وفهمنا من ذلك أن حد الزنا حق الله تعالى، وأنه ربما كان أخف ممن قبلت نعم الله عليه، فحسن ممن عظمت نعم الله تعالى عليه، وأما حد القذف فحق الآدمي وجب للجناية على عرض المقذوف، والجناية لا تختلف بالرق والحرية. وربما قالوا: لو كانت تختلف لذكرها كما ذكرنا في الزنا؟ وغاية ما يقال أن العبد منزجر عن قذف الحر أكثر من انزجار الحر، واختلف في حد القاذف دون مطالبة المقذوف، فقال ابن أبي ليلى:
يحده الإمام وإن لم يطالبه المقذوف.
وقال مالك: لا يحده الإمام قبل طلبه، إلا أن يكون الإمام قد سمعه فيحده، إذا كان مع الإمام شهود عدول.
وهذا مشكل على أبي حنيفة، إذا جعله حقا لله تعالى، فإن حق الله تعالى كيف يتوقف على طلب الآدمي، وإذا لم يسقط بإسقاطه، كيف يتوقف على طلبه؟ فهو مناقضة منهم.
واعلم أن قول الله تعالى: (وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً)، الآية/ ٤: حكم من الله تعالى في القاذف بأربعة شهداء، فعلق الشرع على القذف عند إظهار العجز عن إقامة الشهادة ثلاثة أحكام:
أحدها: جلد ثمانين.
والثاني: بطلان الشهادة.

(١) سورة النساء آية ٢٥.


الصفحة التالية
Icon