أَجْمَعِينَ إِلَّا امْرَأَتَهُ) «١»، فكانت المرأة مستثناة من المنجين لأنها تليهم، ولو قال: لفلان علي عشرة إلا ثلاثة إلا درهم، فقوله إلا درهم يرجع إلى الثلاثة.
وهذه جهالة، فإن فيما قالوه إذا كان الاستثناء من الاستثناء، والاستثناء من النفي اثبات، ومن الإثبات نفي، وقد تعذر الرد إليهما على اختلافهما فيرجع إلى الأقرب، ولا خلاف في أن الاستثناء في قوله تعالى:
(إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ- إلى قوله- إِلَّا الَّذِينَ تابُوا) «٢» يرجع إلى الجميع ويتعلق بالكل، وكذلك في قوله:
(وَلا جُنُباً إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ- إلى قوله- فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً) «٣». والتيمم راجع إلى الجميع.
وكل ذلك مستغنى عنه، فإنا على القولين جميعا نرى قبول شهادته بعد التوبة، فإن علة رد شهادته رميه وفسقه لا إقامة الحد عليه، لما بينا من أن إقامة الحد عليه من فعل غيره فيه، فلا يؤثر في شهادته، فهو أقرب إلى التفكير كما روى في الحدود، والتوبة إذا رفعت علة رد الشهادة وهو الفسق، دار القول. فإن المعلول لا يثبت دون العلة فاعلمه، هذا تمام ما أردنا بيانه من ذلك.
وعندهم أن الله تعالى قال: (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ- إلى قوله-
(٢) سورة المائدة آية ٣٣- ٣٤. [.....]
(٣) سورة النساء آية ٤٣.