يرجع بعد ذلك إلى إيجاب الحد عليه ثانيا، أفترى أنا نوجب الحد مرة ومرة أخرى؟ فكيف يطمع الفقيه في الجواب عن ذلك؟
ومما قاله: إن اللعان حد، وإذا قذف الزوج وامتنع من اللعان لا يحد، بل يحبس حتى يلاعن، وإذا لاعن حبست المرأة، ولا حد عليها، فإنه لو لزمها الحد كان ذلك إيجاب الحد عليها بمجرد قوله، ثم قال:
واللعان حد، وقد وجب اللعان عليها بمجرد قوله، فسبحان الله، كيف تلفقت لهم هذه الخرافات والمتناقضات؟
ثم قال الله تعالى: (وَيَدْرَؤُا عَنْهَا الْعَذابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهاداتٍ بِاللَّهِ)، الآية/ ٨:
فجعل لعانها دارئا للعذاب عنها.
وعندهم أن اللعان حد، والحد يدرأ العذاب، وهي لا عذاب عليها، وهي لا تحبس لعين الحبس، وإنما تحبس للعان، فلعانها يدرأ لعانها على هذا التقدير.
فانظر كيف توالت غلطات الخصم في فهم معنى «١» هذه الآية. وقال:
لو أتى بمعظم كلمات اللعان، قام مقام الكل، وهو خلاف القرآن، وخلاف قياس الحد أيضا، فإنه لا يكتفي فيه بالأكثر، وإذا ثبت فساد نظر من يخالف، فنذكر ما رآه الشافعي، قال رحمه الله:
إن الله تعالى شرع اللعان، وعلمنا يقينا أن شرع اللعان رخصة لمكان الحاجة، فلما تأملنا الحاجة، قلنا يجوز أن يكون الأصل في تلك الحاجة هي والنسب الذي يتعرض للثبوت، ولا طريق إلى نفيه إلا باللعان، فكان اللعان موضوعا أصليا لهذا المعنى، وإنما جوز اللعان في النكاح، مع إمكان