وزاهدين في الخاطب الأول، ولم يكن لذلك عارفا، وقد كان يمكنه أن يعرف فيعدل عن هذه الرغبة وعن الخطبة لها، فلم يفعل ذلك من حيث أعجب بها. إما وصفا أو مشاهدة على غير تعمد، وقد كان لداود من النساء العدد الكثير، وذلك الخاطب لا امرأة له، فنبهه الله تعالى على ما فعل، بما كان من تسور الملكين، وما أورداه من التمثيل على وجه التعريض، لكي يفهم من ذلك موضع العتب، فيعدل عن هذه الطريقة، ويستغفر ربه من هذه الصغيرة.
ومتى قيل: فكيف يجوز أن يقول الملكان خصمان بغى بعضنا على بعض، وهو كذب، والملائكة لا تكذب وهي منزهة عن ذلك؟
فالجواب عنه: أنه لا بد في الكلام من مقدمة، فكأنهما قالا: قدرنا كأنا خصمان بغى بعضنا على بعض، فاحكم بيننا بالحق، وعلى هذا يحمل قولهما: إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة، لأن ذلك وإن كان بصورة الخبر، فالمراد به إيراده على سبيل التقدير لينبه داود على ما فعل.
والقول في هذا مستقصى في تبرئة الأنبياء صلوات الله عليهم «١».
قوله تعالى: (وَخَرَّ راكِعاً وَأَنابَ)، الآية/ ٢٤:
لا يرى فيه الشافعي سجدة لها، لأنه لا يرى التعلق بشريعة من قبلنا، ولأنها توبة، فليس فيه دلالة على الأمر بالسجود لنا، وإنما يعلم السجود عند ذلك توقيفا.
قوله تعالى: (يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى)، الآية/ ٢٦.