وقوله تعالى: (وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ)، الآية/ ١١.
قال أبو بكر رحمه الله: هو كقوله تعالى: (وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ) «١» أي لا يقتل بعضكم بعضا ولا يلمز بعضكم بعضا لأن المؤمنين كنفس واحدة فكأنه بقتله أخيه قاتل نفسه، وكقوله: (فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ) «٢» أي يسلم بعضكم على بعض.
واللمز: العيب، يقال لمزه إذا عابه، ومنه قوله: (وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقاتِ) «٣».
فأما من كان معنيا بالفجور فتعينه بما فيه جائز، قال الحسن في الحجاج: اللهم إنك أنت أمته فاقطع عنا سنته، وفي رواية شينه، فإنه أتانا أخفش أعيمش يمد بيد قصيرة البنان، والله ما عرق فيها عنان في سبيل الله تعالى، برجل جمثه، ويخطر في مشيته، ويصعد المنبر فيهذر حتى تفوت الصلاة، لا من الله يتقى، ولا من الناس يستحي، فرقه الله تعالى وتحته مائة ألف أو يزيدون، لا يقول له قائل: الصلاة أيها الرجل.. ثم قال الحسن: هيهات والله، حال دون ذلك السوط والسيف.
قوله تعالى: (وَلا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ)، الآية/ ١١.
ذكر عن الحسن أنه كان أبو ذر عند النبي عليه الصلاة والسلام، وكان بينه وبين رجل منازعة، فقال له أبو ذر: «يا ابن اليهودية، فقال له النبي عليه الصلاة والسلام: أما ترى هاهنا بين أحمر وأسود ما أنت
(٢) سورة النور آية ٦١.
(٣) سورة التوبة آية ٥٨.