إلى قوله: (وَالَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ) «١»، الآية/ ١٠، وشاور عليا في ذلك، فأشار عليه بترك القسمة، وأن يقر أهلها عليها، وأن يضع الخراج عليها، ففعل، فقال أصحاب أبي حنيفة: فالآية غير منسوخة إذا، فإنها غير مضمومة إلى آية الغنيمة في الأراضي المفتتحة، فإن رأى قسمتها أصلح وأعود على المسلمين فعل، ثم قال: وتقدير الآيتين: واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه في الأموال سوى الأرضين، وفي الأرضين إذا اختار الإمام ذلك.
والذي ذكروه بعيد جدا، فإن قوله: (وَالَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ)، ليس لهم حقا في الغنيمة، وأن غير من شهد الوقعة يستحق، والعجب أن الذين هم في الحياة لا يستحقون إذا لم يشهدوا الوقعة، فكيف يستحق من جاء بعدهم، فدل أن معنى الآية ظاهرها وهو قوله: (وَالَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَلِإِخْوانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونا بِالْإِيمانِ)، الآية/ ١٠، وهو ندب الآخرين إلى الثناء على الأولين، فدل أن الحق ما قاله الشافعي، إن ما كان غنموه من الأراضي وغيرها فخمسها لأهله وأربعة أخماسها للغانمين، فمن طابت نفسه عن حقه فللإمام أن يجعلها وقفا عليهم، ومن لم تطب نفسه فهو أحق بما له، وعمر رضي الله عنه استطاب نفوس الغانمين واشتراها منهم «٢».
قوله تعالى: (وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ
(٢) راجع تفسير القرطبي تفسير سورة الحشر. [.....]