ومثله: (ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ) «١» وقد قال قبله: (قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ) «٢» وقال: (وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها) «٣» ثم يكون «ثم استوى» على الإخبار، ويكون الدحو بعد «٤»، وخلق الأرض قبل خلق السماء، وقيل في قوله تعالى: (ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ) «٥» فليس التولي الانصراف، وإنما معناه، تنح عنهم بعد إلقاء الكتاب إليهم بحيث يكونون عنك بمرأى ومسمع، فانظر ماذا يردون من جواب الكتاب.
وقيل في قوله تعالى: (وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها) «٦» أي: مع ذلك.
كما قال: (عُتُلٍّ بَعْدَ ذلِكَ زَنِيمٍ) «٧» أي: مع ذلك. وعكسه قوله تعالى:
(إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ) «٨» أي: بعد العسر.
وأما قوله تعالى: (لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى) «٩» أي: ثم دام وثبت على الاهتداء. وهذا كقوله تعالى: (لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا إِذا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) «١٠».
والمعنى في ذلك: الدوام على الإيمان والعمل الصالح، لأن الإيمان الذي يحظر النفس والمال قد تقدم فيما ذكر في قوله تعالى: (لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ

(١) فصلت: ١١.
(٢) فصلت: ٩.
(٣، ٦) النازعات: ٣٠.
(٤) في الأصل: «ويكون أن يكون الدحو».
(٥) النمل: ٢٨.
(٧) القلم: ١٣.
(٨) الانشراح: ٦.
(٩) طه: ٨٢.
(١٠) المائدة: ٩٣.


الصفحة التالية
Icon